د.غرداين مغنية

أستاذة محاضرة - أ-

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

قسم العلوم الإنسانية


تحية طيبة وبعد ،

طلبتي الأعزاء في مستوى السنة أولى ماستر تاريخ تخصص تاريخ الغرب الإسلامي في العصر الوسيط  يحتوي مقررنا الدراسي في مقياس مجتمع الغرب الإسلامي في العصر الوسيط على 11 محورا  تم إطلاعكم عليها في أول حصة من  السداسي الثاني للموسم الجامعي 2019 - 2020 وهي :

 

-       مصادر التاريخ الاجتماعي للمغرب الإسلامي

-       الخريطة الاثنية لمجتمع الغرب الإسلامي.

-       التنظيمات القبلية في الغرب الإسلامي

-       القبائل المستقرة والمتنقلة (حركة السكان). 

-       أثر الهجرات على التعمير

-       القبيلة في الغرب الإسلامي: التاريخ، الأنساب المجال، أنماط المعيشة،، الأعراف، الدور السياسي، العلاقات الاقتصادية.

-       التراتب الاجتماعي.

-       المرأة في مجتمع الغرب الإسلامي.

-       الرق وعمليات الاسترقاق.

-       المهمشون في مجتمع الغرب الإسلامي.

أنجزنا مع بعض ثلاثة محاور وشرعنا في المحور الرابع حيث شرحنا وسجلنا بعض النقاط فيه وما تبقى منه ومن باقي المحاور الأخرى ستجدونه ملخصا في هذه المنصة الإلكترونية

ملاحظة:

أحيطكم علما أن العديد من المحاور متداخلة فيما بينها وتم تغطيتها في المحاور الأولى مثلا : القبائل المستقرة والمهاجرة وأثر الهجرات تم تغطيتها في محور الخريطة الاثنية لمجتمع الغرب الإسلامي ومحور القبيلة في الغرب الإسلامي : التاريخ ، الانساب المجال وأنماط المعيشة  تم تغطيتها في محور التظيمات القبلية في الغرب الإسلامي وقد شرحنا شرحا مفصلا لمحتوى المقرر الدراسي وما به من تداخل في أول حصة من السداسي .

ملخص ماتبقى من المقرر الدراسي :

 

-       المحور الرابع: القبائل المستقرة والمتنقلة (حركة السكان). 

        يكون ابن خلدون قد مهد للتعدد الإثني ولو داخل الوحدة لما لما أورد تقسيم البربر إلى وحدتين كبيرتين: «مجموعة البتر ويطغى عليها طابع البداوة والترحال، ومن هذه المجموعة الكتلة الزناتية، ومجموعة البرانس، ، ويطغى عليها طابع الاستقرار، ومنها الكتلتان الصنهاجية والمصمودية»

1- القبائل المستقرة :

صنهاجة
تبعا للتصنيف الخلدوني تعد «صنهاجة من بطون البرانس»، وقد سلفت إلى ذلك الإشارة، وهي من صنف (أقبيل)، أي: الفيدرالية القبلية، و«هذا القبيل من أوفر قبائل البربر، وهم أكثر أهل المغرب لهذا العهدلايكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط، حتى زعم الناس أنهم الثلث من أمم البربر» (ص 51 نقلا عن ابن خلدون، العبر). جاء في المصادر إشارات عن عددهم، وذكر أنهم «عصبية قبلية كبيرة الأفخاذ والبطون أكثر مما تحصى»  وقد انتهجت هذه البطون منهج  الفيدرالية القبلية في تأسيس الدولة المرابطية.
ب‌- مصمودة 
المصامدة من البرانس، وفق تصنيف ابن خلدون، و«هم أقوى قبائل البرانس من حيث كثرة العدد،ى مقارنة مع مجموع السكان». ولا شك، أن لا أحد «ساهم في تعزيز تمركزهم وزيادة عصبيتهم وعددهم»، سوى حركة الموحدين التي ظهرت فيهم حسب
ه، لكن الحركة ذاتها كانت وبالا على بعضهم، إذ أورد ابن القطان أن الإمام المهدي بن تومرت قتل من قبيلة هزميرة 15000 شخصا.
2- القبائل المهاجرة:

ج- زناتة
يشكلون الصنف الثاني، أي: البتر، وإن أشار إلى أنهم «مثلوا العنصر الثاني من سكان المغرب الرحل، خلال الفترة الوسيطة. ، فكلنا يعلم أن ليس للدولة الزيانية أو المرينية القائمة على أساس عصبي زناتي دعوة، وإن كانت الدولة تحاول إرساء دعائم إيديولوجية تقوم على الطرقية التي مهدت لتأسيس الزوايا التي أثرت في حقب تاريخ المغرب ابتداء من نهاية العصر الوسيط.

المحور الخامس : أثر الهجرات على التعمير 

  - تأثير الهجرات البشرية في بلاد الغرب الإسلامي:

تدعم الهجرات البشرية في المغرب بعد التعدد الإثني، وضمنه التعدد الثقافي، نسجل صعوبة «تتبع الحركات السكانية والهجرات البشرية في بلاد المغرب خلال العصر الوسيط ومن أهم الهجرات التي دعمت التعدد الثقافي «الهجرة العربية التي بدأت مع الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا وتطورت في عهد الأدارسة وما بعده، خاصة مع تهجير عرب بني هلال نحو المغرب الأقصى من لدن يعقوب المنصور الموحدي، نهاية القرن السادس الهجري».
وتشير المصادر أيضا إلى «نزوح أعداد مهمة من السكان الصنهاجيين من جنوب المغرب وجهته الشرقية نحو مناطق الوسط والشمالفي المغرب الاقصى ، وإلى الهدرات الزناتية إلى المغرب الأقصى  وما خلفته من انعكاسات  على البعد السياسي في الهجرة لما «دفعت رغبة عبد المومن بن علي الكومي الذي تولى إنشاء دولة الموحدين في تقوية مكانته، وسط نفوذه وتعزيز جيشه بالفرسان وتكثير عدد أنصاره إلى اتخاذ قرار توطين قبيلته (كومية) القادمة من المغرب الأوسط». اضافة الى  الهجرات العربية وخاصة الهجرة الهلالية
فبدخول العرب الهلالية كانت الحروب كثيرة بين العرب و البربر ، وهذا طبيعي نتيجة الإحتكاك الأولي بينهما ، وإنتهت بإنتصار العرب الهلالية  . وعرب بني هلال أدوا خدمة كبيرة بالنسبة لعروبة المغرب ، فقد أضعفت جموعهم قوى تلك القبائل الزناتية ، التي كانت تحاول سيادة المغرب بالقوة و العنف ، ونجد أن الهلاليين إنتشروا في كل ناحية من البلاد الممتدة إلى المغرب الأقصى ، وبدأوا يستقرون في بلاد المغاربية إستقرار البدو شيئا فشيئا ، طوعا وكراهية ، بحيت تعتبر الهجرة الهلالية في الفترة الوسيطة أهم هجرة عرفها بلاد الغرب  الإسلامي

. ومن «نتائج توافد العناصر العربية على المغرب الإسلامي امتزاج وتداخل العناصر العربية والبربرية، حتى أن المؤرخين الذين عاصروا الحقبة المرابطية والموحدية والمرينية تحدثوا عن تبربر العرب وتعرب البربر.

-       المحور السادس:القبيلة في الغرب الإسلامي: التاريخ، الأنساب المجال، أنماط المعيشة،، الأعراف، الدور السياسي، العلاقات الاقتصادية.

1- الأعراف والعادات والتقاليد في المجتمع القبلي :

أعراف الزواج : نوازل النكاح العديد الحقائق المتعلقة بالحياة الأسرية، فالزواج في البادية كان يتم في كثير من الأحيان بين الأقارب فقط وبين أفراد القبيلة الواحدة، فمثلا سئل عن رجل قال لابن  ، كما أن الزواج في البوادي لا يتم لجمال ولا لمال  عمه تزوج فلان فلانة أخت القائل المذكور ، والمهر فيها لا يذكر في جلسة عقد النكاح ويتفق عليه قبلها، وربما على حسب استطاعة كل ، ومن عاداهتم كذلك أن العروس تجهز من قبل والدها، وتبين ذلك إحدى النوازل أن  شخص هناك من الآباء من كان يهب ابنته في صغرها بعض الهبات والعطايا لتجهيزها فهناك إشارة لرجل  وهب ابنته خمسون رأسا من الغنم من أجل هذا الغرض . أما الاتفاق على موعد الزفاف فإنه يتم بعد الانتهاء من إعداد الجهاز ومن المتعارف عليه أن يقوم الزوج بإرسال هدية من جزور أو لحم إلى بيت والد العروس لكي يعدوا طعاما يأكل منه ، وفي بعض الأحيان كان والد العروس يشترط على زوج ابنته أن 5 أقارب العروسين ليلة الزفاف تكون الهدية قبيل الزفاف عبارة عن ثورين أو ثور وكبش وتعتبر ملكا للزوجة ولها الحق في التصرف ، ويذكر الونشريسي أن الزوج كان يرسل مالا للعروس تستعين به لشراء ما يلزمها قبل الزفاف  فيها الزفاف ويسمى حق العروس وكانت تشتري به بعض المقتنيات من طيب وحناء وتكتري الحلي التي  تتزين هبا ليلة الزفاف . وتحدثت بعض النوازل الأخرى عن حفل الزواج الذي كان ينقسم إلى حفلين أحدهما يتم نهارا للرجال وآخر ليلا للنساء، وفي كل منهما يقومون بالرقص والغناء و إلى غير ذلك.

 ذكرالونشريسي إن من عادات أهل البوادي التهادي      فيالأعراس وتكون الهدية بينهم بالدراهم  بالطعم كالزيت والقمح وتشير بعض النوازل الأخرى أن العروس تقوم بتزينها المشاطة ليلة الزفاف ومن وسائل  التجميل دهان جسدها ووجهها ببعضالفاكهة الطيوب والأصباغ التي تظهر جمالها وكل حسب مقدرته . وعن ولي البنت إذا توفي والدها ذكر في النوازل أنه يتولى تزويجها عمها، أما إذا كان لها أخ  بالغ عاقل فهو أولى بعقدقرانها . وتفيدنا بعض النوازل بان بعض طالبات الزواج في من قرى المغرب من وصفن بأنهن من أهل التهم والدناءة في قدرهن وليس لهن ولي، كان يقصدن إمام مسجد القرية ليتولى تزويجهن دون إذن من قاضي الحاضرة، وذلك على أساس أن صلاح شأنهن يتم بالزواج، أو يهاجرن من القرية إلى الحواضر المجاورة حيث يعلن التوبة في الجامع، وكان القضاة وأهل الفتوى يأذنون لهن بالزواج إثبات أنهن ذوات ظروف ويصدقن بأن ليس لهن أزواج . النوازل النساء من الميراث وذلك منذ القرن الخامس هجري / الحادي عشر ميلادي إلى عصر الونشريسي أي العاشر هجري / السادس عشر ميلادي، وحرم النساء من الميراث لكي لا تخرج أملاك الأسرة خارجها، وربما لأجل هذا كان ، وكذلك كان من عاداهتم أن الزوج يتصرف في أملاك زوجته، كما توضح المصادر   الزواج بين الأقارب في  بعض النوازل أن العرب اعتادوا على أن تزوج المرأة لمالها

 

2 - عادات وتقاليد الاحتفال بالاعياد

الاحتفال بالمواسم والأعياد: مع تسليمنا أن اجملتمع البدوي كان يتمتع بالحرية والتسامح الديني إلا أنهم كانوا يقومون بالشرائع الإسلامية كالصلاة والصيام والأعياد الدينية، فالأمير حماد مثلا: كان يصوم ثلاثة أشهر  في السنة ويمتنع عن شرب الخمر . ويذكر الغبريني أن بجاية كانت تضم اثنان وسبعون مسجدا وأهلها يحيون ليلة السابعوالعشرون من رمضان . كما أن الأمراء اهتموا ببناء المساجد بدليل أن مصلى قصر المنار  و بمسجد القصبة هو أصغر مسجد في العالم الإسلامي وهو المسجد الجزائري الوحيد التابع لقصر وزخارفه لا مثيل لها في الفن الإسلامي. ، ويبدوا أن هاته الأعياد والمناسبات كانت  كما عرف أهل كتامة بحسن الضيافة والكرم  تحظى باهتمام أمراء الدولة بدليل أن قصر أميمون ببجاية كان يضم قاعة خاصة بالاحتفالات . يحتفل أهل البوادي بمناسبة المولد النبوي فتعد أنواع متعددة من الأطعمة، وتقاد الشموع في الكتاتيب، ويجتمع المعلمون والصبيان لصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وتلاوة القرآن، وإنشاد بعض القصائد في مدح الرسول صلى االله عليه وسلم، ويجتمعن النساء في البيوت ويقدن ، وعمل الفقهاء على الترويج لهذه العادة والاحتفال هبا والحث على الاجتماع في  الشموع المساجد والزوايا والصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام وتلاوة القرآن والصدقة في السر من الأطعمة المحضرة وإفطار يوم المولد النبوي لأنه مناسبة من المناسبات التي يساعد فيها الفقير  والمسكين .

أما بالنسبة لشهر رمضان يكلف مجموعة من العدول لرصد طلوع الهلال فإذا ثبتت رؤيته في قرية من القرى يقوم سكانهاا بإشعال نار لإخبار باقي القرى المجاورة بدخول شهر رمضان فيصوموا من غدهم، وكذلك يفعل لرصد هلال عيد الفطر وتحضر أطعمة مختلفة ومتنوعة للاحتفال  بالعيد . ويحتفل بالعيد الأضحى يوم العاشر من ذي الحجة، فيسعى كل واحد من سكان البادية لاختيار أضحية العيد التي لا يجد بعضهم مشقة في توفيرها على اعتبار أن أغلبيتهم كانوا يملكون قطيعا من الماشية والأبقار، وجرت العادة انه بعد الانتهاء من الصلاة يقوم الإمام الذي صلى ، غير أن  بالناس بذبح الأضحية أولا ثم يضحي الناس من بعده كما أفتى بذلك علماء المالكية الملفت للانتباه أن العديد من أسر القبائل البربرية يفضلون الأبقار والماعز عن بقية المواشي،  ويتعاون الأهل في عملية الذبح والسلخ . ويعد يوم عاشوراء من الأيام التي يحتفل هبا المسلمون فيعدوا ما لذ وطاب من المأكولات ونهى الفقهاء عن كثرة التبذير للأطعمة المختلفة والمتنوعة ويحييون هذا اليوم بالعبادة والصدقة وأعمال الخير دون تبديد الأموال خاصة في الأطعمة فمثل هذه الأفعال تفقد المناسبة روحها وتفسد عبادهتم وتلهيهم عن ما هو أصح بان يقوموا به، وحتى لا يكلف الناس أنفسهم بأشياء هم غنى عنها ولا حاجة لهم هبا، ولكي لا تكون بدعة متداولة بينهم.كذلك كان يحتفل بختان الأطفال فيقيمون  مأدبة يدعى لها الأهل والأقارب  

من العادات والتقاليد المتصلة بالجنازة يشير الونشريسي أن الناس يقومون في جنائزهم بالجهر بالتهليل أمام الجنازة وذلك بالتصلية والتبشير والتنذير على صوت واحد، وفي اليوم السابع يقيمون عشاء يسمى سابع الميت يصنعون فيه طعاما للقراء والفقراء والأقارب، ويستأجرون أحد القراء  لتلاوة ما تيسر من القرآن على القبر . وفي اليوم الموالي يخرجن نساء أهله وأقاربه ومعهن نساء جيران إلى المقبرة، أما بالنسبة إلى  الجيران يحملون الطعام إلى  المرأة التي توفي زوجها أو ولدها كانت تزور قبره كل يوم

 

3- الأطعمة والمشروبات:

لكل مجتمع أطعمة خاصة به وأكلات تطهى في بيوهتم ولا بد ان لأهل بادية المغرب ما يميزها من ذلك، وبالرغم من أن كتب النوازل تذكر أي نوع من المشروبات التي كان أهل البدو يتناولوها، إلا أننا نستنج أن أهل البدو كانوا يتناولون الحليب كمشروب أساسي في كل وجباهتم، وذلك لما كانت توفره لهم البيئة، وبالإضافة إلى الحليب هناك الأشربة حصل عليها البدو من الطبيعة فكانت تصنع من النباتات كمشروب، وأيضا من اجل العلاج من الأمراض التي كانت  يصابون هبا، ومنها ما يصنع من قشور وعروق النافع، وحبق و الترنج وغيرها من نباتات ويصنع 5 من التمر نبيذ النخيل المعروف باسم اللاقمي وكان أهل الجنوب يشربونه . أما بالنسبة للأطعمة فذكر سوى النادر القليل حيث لم تخرج عن المنتوجات الزراعية والأساسية وخضر منها الكسكس بالسمن والعسل القمح والشعير والحنطة وفواكه المواد الأساسية ، إلى جانب أنواع اللحوم منها لحم البقر والماعز والإبل 3 ، والعصيدة وثريد 2 والبسيسة وشربة الفريك ولاسيما أن أهل البدو كانوا يمتلكون قطعانا من الماشية بإضافة إلى إطباق من الأسماك خاصة و ، إلى جانب ما كانوا يصطادونه من الطيور 4 أن سواحل كانت تتوفر على أنواع متنوعة من الأسماك . كما كانت تحضر المرأة في البادية أنواع من الحلويات  منها طائر السماني الذي كان موجود بكثرة الحلويات كالمسمن، والفطائر بالمواد التي توفرت لها من بيض واللوز والتين اجملفف والعسل والزيت . 6 والتمر والزبدة وغيرها من المواد أما عن أصناف الفواكه التي كانت تزين موائدهم نذكر منها التفاح والخوخ والتين والمشمش ، وكان من عادة أهل البدو أن يحفظوا ما يحتاجون إليه من مأكولات وثمار لسنة كاملة  والسفرجل  كاملة منها التين والعنب والجوز ويحفظون الرمان في أماكن خاصة إلى أوائل الربيعحيوانية التي تخلط بكيفيات متعددة وتحضر بأوجه مختلفة فتنتج مأكولات متنوعة .

4- الألبسة

الإنسان منذ القديم إلى تغطية جسمه فارتدى ألبسة مختلفة ومتنوعة حسب النمط المعيشي السائد،حتى أصبح مظهرا اعتياديا ،ولهذا يعد ما يلبسه أهل

المغرب من العادات التي أوضحتها النوازل، فتحدثت عن اللثام عند المرابطين الذي ينشئون عليه منذ الصغر ويعتبر زيهم وذكرت أيضا العمامة  المميز

وهي غطاء يضعه الرجال على رؤوسهم، واختلفت طريقة وضعها  وذكرت أيضا العمامة فالأعراب اتبعوا في ذلك طريقة أسلافهم البربر الرحل حيث كانوا يلفون العمامة حول الرقبة ومكان حبل الوريد قبل لفها حول رؤوسهم ثم يلثمون بطرف الباقي الذقن، ولا يعرف الفرق بين العمامة و الزمامة الزرقاء التي كان يلبسها الأعرابي، أما عامة الناس كانوا يضعون على رؤوسهم  الشاشية، ويمكن أن يلبسها الأطفال أيضا وتصنع من الصوف.

كما ذكر الكساء ولم يوضح ما هو، إلا أنه يصنع من الصوف وربما يقصد بالكساء كل ما ، ويضن بأنه البرنس، أما برنشفيك فذكر الكساء على  يلبس على الجسم ولم يحدد بشيء معين ، كما انه لباسهم الداخلي، وهو عبارة عن قطعة قماش مضلع يسدل طرفها على الكتف الأيسر .  كما عرف أن كسوة الرجال تنسج اغلبها من الصوف مثل البرنوس والجلابة وسروال الصوف وعن ما يلبسه أهل البدو في أرجلهم ذكر في النوازل النعال وهو حذاء مصنوع من الجلد ، وعلى خلافهم ميز بين الخف والنعال فيذكر أن  اختلف في تسميته بين نعال وخف وقبقاب ، ولم يذكر عن ما تلبسه  الخف مصنوع من فلين أما النعال فيصنع من الجلد اللين وسعف النخيل تلبسه نساء البدو شيء غير أن بعض النوازل تحدثت عن أنواع الأقمشة من حرير وكتان، و أن لباس النساء في الأرياف والمدن يختلف بين الغنية والفقيرة فالمرأة الفقيرة تظهر وعليها نصف حنبل وتحته فوطة وبالعكس من ذلك فقد كانت النساء الريفيات من ذوات المنزلة الرفيعة يتأنقن في لباسهن فيرتدن أقمصة سوداء ذات أكمام عريضة عليها رداء يسمى ملاءة من نفس اللون أو أزرق يشدونه فوق كتفين بواسطة حلقات من فضة مصنوعة بمهارة، وغطين وجوههن ببرقع مثقوب في مكان العين، أما بالنسبة إلى اجملوهرات فهي الخرصان، والخواتم، والخلاخل، والأساور المصنوعة أحيانا من الذهب وفي الغالب من الفضة وهي علامة من علامات الثروة، ووسيلة أيضا من وسائل الادخار.

المحور السابع :  التراتب الاجتماعي.

1- مفهوم التراتب الاجتماعي  :                                                                

            هو تنسيق نتج لسبب جغرافي ومعنوي لجماعات البشر في أطر وهيئات معينة تحت مراعاة المنفعة والمصلحة العامة وقدرات أفراد الجماعة البشرية بحيث يتهيكل الجميع في بناء اجتماعي يكفل تفعيل ونفع أكثر أفراده. المجتمع

ويمكن القول بأن "التراتب الاجتماعي" يعني الطبقات الاجتماعية، وهي قضية شائكة خاصة في المجتمعات التي لا تزال تسيطر عليها الانتماءات القبلية والعائلية والطائفية.

2- التراتب الاجتماعي في الغرب الإسلامي :

      في نوازل ابن الحاج نراه يُبرِز التدرج الطبقي في الأندلس؛ حيث قسم الناس إلى ثلاث طبقات: الأغنياء، ومتوسطو الحال، والمقلُّون ،وفي ما يخص طبقة الحكام والأعيان يشير إلى تفشِّي ظاهرة استغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة، وغيرها من الآفات الاجتماعية؛ حتى إن بعضهم كان يرغم الناس على بيع ممتلكاتهم كما أن بعضهم تمكَّن من تنمية ثرواته عن طريق التسليف بالف.

فمجتمع الغرب الإسلامي كان مجتمعا طبقيا ، منذ أن كان يعيش ضمن النظام القبلي بحيث نجد في أعلى قمة هرم القبيلة شيخ القبيلة ثم بعده الأعيان وفي وسط الهرم المزارعين والحرفيين والغرباء وفي قاعدته العبيد والمهمشون  ، وحتى بعد نشأة الدول الكبرى بالغرب الإسلامي لم تتبدد الطبقية بحيث بقي الهرم على ماهو عليه فقط زادت مراتبه ،بحيث نجد الطبقة الحاكمة ، ثم طبقة الفقهاء والعلماء وهذا مابرز في العهد المرابطي  ،طبقة العامة  ثم الطبقة الدنيا التي تضم العبيد والمهمشين ، وقد تتفرع كل طبقة إلى فئتين بحيث نجد في الطبقة الحاكمة  ، الأسرة الحاكمة على راسها السلطان واهله وذويه ومقربيه ،وفئة  قادة الجيش والوزراء والكتاب ،في طبقة الفقهاء والعلماء قد نجدها تتفرع إلى فئة القضاة ثم  فئة العلماء والفقهاء ، والطبقة العامة تشمل فئة الفلاحين والحرفيين والتجار الصغار ،ففئة التجار الكبار تكون أحيانا من الطبقة الخاصة المقربة من الحاكم وهذا ما ذكرته المصادر في مكانة التجار الكبار في البلاط الزياني .

وحتى المجتمعات القبلية التي حافظت على النظام القبلي ظلت تعيش تحت نظام الطبقات وظل شيخ القبيلة والأعيان هم من يتربعون على قمة الهرم ولهم علاقات وطيدة مع حاكم الدولة فيحصلون على امتيازات عدم دفع الضرائب و ينتفعون بنصيب من غنائم الحروب التي يشارك فيها فرسان القبيلة .

فمجتمع الغرب الإسلامي شكل نموذجا لمجتمع تراتبي تتفاوت فيئاته وشرائحه الاجتماعية  نتيجة تفاوتها في الثروة والاراضي والمراعي والجاه والسلطة والنفوذ .

المحور الثامن : المرأة في الغرب الإسلامي :

1- الوضع العام للمرأة بالغرب الإسلامي :

        لم تحظ المرأة بكثير من الاهتمام في كتابات الرحالة المغاربة إلا بإشارات شحيحة، وهي على العموم سلبية، "ولم يشر هؤلاء الرحالة إلى مشاركة المرأة في الحياة العلمية والدينية مع أنه في هذه الفترة ظهرت أسماء كثيرة ممن انشغلن بالنحو والفقه والحديث ونظم الشعر، وكان بعضهن يتنقلن بين مصر والشام للسماع من كبار المحدثين والعلماء".

المرأة في البادية ببلاد المغرب هي أساس الأسرة تتولى مهمة تدبير الشؤون المنزلية من تحضير الطعام وصناعة الصوف من أغطية وألبسة صوفية لمقاومة برودة الجو . كما دفعتها الحاجة لصناعة الأواني الفخارية التي تستخدمها في الأكل والشرب، كما كانت تخرج لمساعدة الرجل في الفلاحة، أما عن مساهمتها في الحياة السياسية وقد نشير هنا إلى الحكام الحماديين الذين شيدوا القصور وأطلقوا عليها أسماء زوجاهتم، مثل قصر بلارة، الذي بناه المنور لزوجته وبالتالي تسمية قصور الحكام باسم النساء قد يكون دليل على تأثير هؤلاء النسوة على  شخص الحاكم، وبالتالي على سياسة الدولة و ما ذكرته المصادر عن زينب النفزاوية ودهائها السياسي ونصائحها لأزواجها الأمراء، وما تداولته المصادر أيضا عن الدهاء السياسي لوالدة يغمراسن بن زيان حينما خرجت من القصر ودخلت في مفاوضات سياسية مع السلطان المريني وأنهتها لصالح ابنها.                                    

 

نستخلص مما سبق أن المرأة كان لها دور مهم وكبير في مجتمع بلاد الغرب الإسلامي فلم يقتصر عملها على تدبير  الأمور المنزلية، بل تعداه بمشاركتها في تنمية الاقتصاد بفضل الأعمال التي مارستها

وصف الحسن الوزاني في كتابه "وصف إفريقية" لنساء حواضر تادلة ومميزاتهن، وتحدثت عن الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للنساء.

هذاوتفيد المصادر أن الأسرة الأندلسية أولت اهتماما بالغاً للفتاة منذ نعومة أظفارها؛ ومن مظاهر الاهتمام مثلا العناية حتى بالأسماء والألقاب، وهكذا كان الأندلسيون يطلقون على البنات أسماء مستمدة من أسماء الزهور؛ فقد كان للمنصور بن أبي عامر مثلا ثلاث بنات سماهن : بهاراً ونرجساً وبنفسجاً، كما كانوا يحرصون على تنشئتهن على الصلاح ومكارم الأخلاق

ويجمع غالبية الباحثين أن المرأة الأندلسية نالت حظاً وافراً من التعليم، فنبغ عدد كبير منهن في العلوم والآداب والفنون، وكان يعهد إليهن بتربية أبناء الأمراء والأغنياء وتأديبهم. ومن سوى ابن حزم الأندلسي وهو الذي ترعرع في كنف النساء ليؤكد لنا صحة ما ذكرته مصادر أخرى، فقد جاء على لسانه في كتابه ” طوق الحمامة” “: “ولقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن مالا يكاد يعلمه غيري، لأني تربيت في حجورهن ونشأت في أيديهن، ولم أعرف غيرهن ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب وحين تبقل وجهي، وهن علمنني القرآن وروينني كثيرا من الأشعار ودربنني على الخط”. وهكذا أصبح لنساء الأندلس دور بارز في الازدهار الحضاري الذي عم الأندلس فبرز منهن حاذقات بمختلف العلوم والفنون، وقد لمعت أسماء نساء عديدات في كل مجالات العلم والأدب. فكان منهن حافظات للقرآن الكريم، وناسخات، وعالمات في علم الحديث النبوي الشريف وروايته. إذن فجميع المصادر التي لدينا تؤكد أن المرأة الأندلسية كان لها دور مميز في ازدهار الثقافة وتطور المجتمع ولا ريب في أن ظهور مواهب تلك النساء من شاعرات ومدرسات وطبيبات وفلكيات يعود لسببين رئيسيين: أولهما البيئة الأندلسية المتطورة والسمحة التي وجدت فيها، وثانيهما الازدهار الثقافي والنهضة العلمية التي شملت حواضر الأندلس الكبيرة كقرطبة وإشبيلية وبلنسية وغرناطة ورندة. فكل هذه الظروف حفزت الناس على الأخذ بالعلم والاهتمام بنشره، والعناية الفائقة بالفنون على أنواعها وإنشاء المدارس والمكتبات العامة والخاصة واستقطاب العلماء والشعراء والفنانين من المشرق

ومن تلك العالمات ذكرت لنا كتب التاريخ العربي الأندلسي (وهي كثيرة ومعروفة ومتوافرة “كنفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب”، “والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة”، وغيرها من المصادر) اسم عالمة مرموقة تعرف بـ عابدة المدنية وذكر بشأنها أنها كانت تروي عن أنس بن مالك عشرة آلاف حديث

ومما يدل على عظيم المكانة التي تبوأتها المرأة الأندلسية، كثرة القصائد التي نظمها الشعراء الأندلسيون فيها مدحاً وتغزلاً ورثاءً. ومن علو مكانتها كذلك أن غدت رغباتها أوامر، كـ اعتماد الرميكية زوج المعتمد بن عباد في قصة يوم الطين. وقد أشار المعتمد إلى هذه الحادثة وهو في أسره بأغمات .

 

ومن مظاهر حرية المرأة الأندلسية أنها كانت تلتقي الرجال في ساحات الدرس وفي السمر الأسري، كما كانت تخرج لزيارة المساجد والأسواق برفقة جواريها والتنزه في الحدائق العامة. ولم تكن النساء الأندلسيات سجينات بيوتهن، بل شاركن الرجال في عدة مجالات، وتبارين معهم شعراً ونثراً، وأسهمن في صياغة مجتمع أندلسي متميز

ولعل أوضح الأمثلة على تحرر المرأة الأندلسية : بروز عدد كبير منهن في مجال الشعر. فكن شاعرات جريئات لا يكتفين بالتلميح دون التصريح ولا بالإشارة دون الإعلان ، فمن هؤلاء الشاعرة ولادة بنت المستكفي التي جعلت من طراز ثوبها إعلانا عن الانطلاق والحرية

ومن تأثير النساء الأندلسيات على أزواجهن من الأمراء والخلفاء، أنهم بنوا لهن القصور المنيفة، والمدن المسماة على أسمائهن، كـ الزهراء التي بناها عبد الرحمن الناصر على اسم حظيته وأنفق فيها أمولاً لا تحصى. ومن ملوك الطوائف من بلغ به التأثر بزوجه وشدة تعلقه بها، أن يشتق من لقبه اسمها، كالمعتمد بن عباد الذي سمى زوجته الرميكية ب “اعتماد” مشتقا من لقبه المعتمد، مثلما أشار عندما نظم أبياتا يبدأ كل

وإذا كانت سلطة النساء الأندلسيات ونفوذهن في الملوك والأمراء والقادة قد بلغت هذا الحد، فأنباء نساء العامة من من أبناء المجتمع الأندلسي من خلال المصادر الأندلسية القديمة تبرز جدارة نساء العامة في مواجهة قسوة الحياة وشظف العيش، فمنهن من كانت عطارة أو حارسة بستان أو عاملة في دور الخراج وكن يسمين بالخراجيات، ومنهن من باعت اللبن لتعيل أبناءها، وشاعت مهنة الغزل عندهن واتخذ المغزل هواية فقد قيل: “نعم اللهو للمرأة المغزل

ولا بد لنا ونحن في مجال الحديث عن النساء أن نتحدث عن الجواري منهن، إذ كانت من بينهن نجد الراقصة المبدعة والموسيقية العازفة. واتسمت النساء الأندلسيات بالأناقة، فقد بدت المرأة الأندلسية أنيقة ولبست من الحلي والحلل وعرفت الرداءة والملاءة والشفوف المنسوجة بالذهب الخالص، ومثلما لبست الشفوف لبست القرطف وهو نوع من الملابس القصيرة. ولبست العصائب المرصعة بالجواهر والمنسوجة من الذهب والمكللة بالمرجان كناية عن الزينة الأندلسية الأنثوية. كما نقشت الأندلسية خدها بنقوش لتظهر أكثر فتنة، وتفننت في الوشم والخضاب ولبست الدملج، وفي كل هذا إشارة واضحة إلى بلوغ الأندلسيات مبلغا رفيعا من الحضارة وتمتعهن بذوق متميز، فضلاً عن أنهن كن شديدات الولع بالزينة التي دفعتهن إلى التأنق في سائر أحوال معيشتهن.

 

    2- أهم المهن التي مارستها المرأة في الغرب الإسلامي:

   مارست المرأة في الغرب الإسلامي عدة  مهن منها التجارة في فترة العصر الإسلامي الوسيط فقد ذكرت كتب النوازل والحسبة ممارستها لبيع اللبن والحليب بإشبيلية وبيع الخضر والفواكه ، كما مارست الغزل والنسيج ومنها نسيج الحرير الذي اقتصر على أن تمارسه النساء فقط حسب  نجلاء سامي النبراوي نقلا عن ابن حزم الأندلسي .

هذا وقد دخلت المرأة ببلاد المغرب والأندلس مجال الشراكة التجارية في أوجه متعددة ، فكثيرًا ما كانت تعقد الصفقات التجارية مع الرجال ، ولم تذكر كتب النوازل والحسبة شراكة نسائية نسائية ، بل كان دائما الطرف الثاني في الشراكة هو الرجال ،وأغلب أنواع الشركات التجارية التي مارستها النساء هي تجارة الأغذية ، حسب ما تناولته كتب النوازل ، في اشتراك النساء مع الرجال في شراء رحى لطحن الحبوب لأهل المدينة ، أو مشاركة رجل برأس مال للذهاب لصقلية والإتيان بطعام لبيعه للناس ثم يتقاسمان الربح ، فكانت المرأة  لاتدخر جهدًا في توفير رأس المال اللازم للدخول في شراكة تجارية فإن لم تتوفر لديها السيولة النقدية اشتركت بحليها وجواهرها .

هذا ومارست نساء المغرب والأندلس مهنة النسخ وكانت تعرف المرأة التي تمارس هذه المهنة بالخطاطة ،ومظم الخططات اللائي ذكرن في المصادر كن يكتبن بالخط الكوفي واهتممن بنسخ المصحف الشريف والكتب الفقهية ،ومنهن سيدة بنت عبد الغني العبدرية ( ت 647ه-1249 م )، من أهل غرناطة بالأندلس ، والسيدة درة التي كانت تعمل خطاطة في بلاط بني زيري وقامت بنسخ المصحف الشريف .

وقد كان للمرأة في العصر الوسيط الإسلامي بالمغرب والأندلس حضور ، سياسي وعسكري ، وكمثال على ذلك الدور السياسي بالمغرب الأوسط الذي قامت به والدة يغمراسن بن زيان الملقبة " بسوط النساء "   حين ترأست وفد زياني للتفاوض مع السلطان الحفصي ، أبو زكريا نيابة عن ابنها الذي أخرج من تلمسان سنة 640 ه /1242 م ، بعد استيلاء الجيش الحفصي عليها ،وتمكنت بحنكتها السياسية من انقاذ عرش ابنها وتوقيع معاهدة صلح مع السلطان الحفصي  تنص على عودة ابنها إلى عرشه مقابل دفع إتاوة مالية قدرها 100 ألف دينار.



المحور التاسع :  الرق في بلاد المغرب

     1-  عوامل انتشار الرق ببلاد الغرب الإسلامي :

    لقد ساهمت المسـالك والطرق التجارية في االانتعاش االاقتصـادي داخل الأسـواق بلاد الغرب الاسلامي من خلال تنوع السلع و البضائع المختلفة سيما منها الرقيق حيث كانت تجارتهم تلقى رواجا كبيرا ، لجلب مختلف أنواع الرقيق ،إذ تعددت أجناس الرقيق و انقسمت إلى  الرقيق الافريقي ذو البشرة السوداء و الرقيق الأوروبي ذوي البشرة البيضاء ، ويعتبر المغرب الأوسط المغرب الرابط بأسـواق النخاسـة في أوروبا وآسـيا وهو ما يشـير إليه ابن خرداذبة ت 033ه/221م      عن الرقيق الرومي الذي يجلب من ناحية البحر الغربي:"...و  يجيء من البحر الغربي...الجواري الروميات.

           2- معاملة الرقيق وعلاقتهم بالأسياد في مجتمع الغرب الإسلامي :

     أسعار الرقيق انه لمن الصعب تحديد سعر الرقيق ، ذلك أن الموثقين في  تلك الفترة ما كانوا يحددون ذلك حيث كانوا يكتفون في عقودهم بكتابة عبارة"بثمن يبلغ كذا ، أو" بكذا و كذا ذهب" أو " بثمن جملته هكذا"، فقد كان ثمن الرقيق يختلف من فترة إلى أخرى،ففي القرون الاولى للفتح كانت تخضع لمعايير العمر و أخرى غير م في الفترة  الرستمية بخمس دنانير  عهد العبيديين و بيعت جارية في الدولة   بربرية بخمسة دراهم ،وفي بجاية الحفصية بيعت رومية و سودانية بالمقايضة حيث قال الغبريني "بيضاوان من الروم بسوداءمن السودان ،وفي الفترة الزيانية بيعت سودانية بمائة دينار  وفطنتها ،أو لصغر ،فكلما كانت الجارية تتصف بالذكاء والجمال وممارسة فن معين كالعزف أو الطبخ أو الرسم  بهذه الصفات زاد ثمنها في الاسواق ،لذلك كان النخاسون يقومون بتعليم الجواري القراءة والكتابة والرقص و العزف على اآلالت الموسيقية والطبخ لزيادة سعرها. ومن بعض صور الحياة اليومية للعبيد داخل مجتمع المغرب حيث كانت وضعية الرقيق في ّ المجتمع انها كانت  تتسم كغيرها من الشعوب و الحضارات بخضوع العبد وطاعة عمياء لسيده فكان ّ العبد لا يستطيع التصرف في أمر من أموره دون العودة إلى سيده لاخذ الاذن منه أن يكون حسن الوجه جميل الاخلاق حافظ السر هي الشروط الواجب توفرها في العبد خاصة بالنسبة للزوجة التي كانت في حاجة إلى من يحمل عليها أعباء و شؤون البيت غير أن  الرقيق في المجتمع المغاربي لم يعتبر أكثر من حيوان و أداة لانجاز العمل هذا و تكشف النصوص التاريخية عن العلاقة المتقلبة بين العبيد وأسر سادتهم التي كانت طيبة تارة و متوترة تارة أخرى و من هنا يصبح الرقيق ضحية   كان الرقيق في المجتمع. وفئة الرقيق تتواجد في عدة قطاعات منها على الخصوص الجيش و التنظيمات لحمل المؤونة وأغراض الجند العسكرية وتوفير الحطب  و عمل  الارض للغرس والسقاية وحراسة المزروعات و رعي المواشي وكان عمل الجواري داخل المنازل والقصور  يتمثل في الطبخ وسقاية الماء وغسل الثياب و النسيج بالاضافة  إلى تربية الأبناء كما تولى الرقيق خدمة الدواب والقيام وحراستها. بشؤونها وقد كان على السيد المالك للعبد امداده باللباس و بالطعام مما يأكل هو كسب يده .

 المحور العاشر:المهمشون في مجتمع الغرب الإسلامي

    1- تعريف المهمشون :

ويقصـــد بهـــم مختلـــف الشـــرائح الاجتماعيـــة غيـــر المنتجـــة، والتـــي نشـــأت عـــن تحـــولات اقتصــــادية واجتماعيــــة لمجتمــــع الغرب وهم البــــذخ والتــــرف  الســـــحرة والمتســـــولون واللصـــــوص والشـــــحاذ والمهمشـــــون هم فئة عاطلة عن العمل وغير منتجة  أسدل عليها ستار النسيان في المصادر التاريخية  وهي بعيدو عن المواقع السياسية والحقول المعرفية ومن بين هذه الفئات ما يلي.

2- وضع المهمشون بين طبقات مجتمع الغرب الإسلامي :

أ.المتسولون

-أ يـــربط ابـــن خلـــدون ظـــاهرة الســـؤال بعمـــران المـــدن، فأهـــل الأمصـــار الصـــغيرة ضـــعفاء الأصــــول متقــــاربون فــــي الفقــــر والخصاصــــة لكــــون أعمــــالهم لا تفــــي بضــــروراتهم، وهــــم لــذلك مســاكين محــاويج، فــي حــين مــا كــان عمرانــه مــن الأمصــار أكثــر وأوفــر كــان حــال أهله في الترف أبلغ من حال المصر التي دونه وفــي هــذا الموضــوع أشــار ابــن عبــدون فــي قولــه: " ولا يجــب أن يتــرك ســاع يســعى يــوم الجمعـــة فـــي داخـــل الجـــامع ويتخطـــى رقـــاب النـــاس،.."

فالمتســـولون كـــانوا يســـتغلون فـــي المناســـبات والأعيـــاد للـــدخول إلـــى المســـاجد وســـؤال النـــاس، فـــرأى ابـــن عبـــدون مـــنعهم مـــن فعـــل ذلـــك وطلـــب مـــن القـــائمين علـــى المســـاجد  والمــــؤذنين مــــنعهم مــــن ذلــــك. إلى جانــــب المســــاجد اســــتغل المتســــولون أمــــاكن تجمــــع   الناس كالأسواق والطرقات، ومنهم من لجأ إلى طرق أبواب المنازل المنازل . وفــــي ســــبيل ذلــــك اتخــــذ المتســــولون عــــدة أســــاليب وحيــــل لكســــب عطــــف النــــاس كــــالانزواء فــــي المســــاجد واســــتغلال المواســــم والأعيــــاد، ومــــنهم مــــن كــــان يتخــــبط فــــي الأســـواق ويـــوهم النـــاس بالصـــرع، ومـــنهم مـــن يظهـــر الأورام والقـــروح البشـــعة، ومـــنهم مـــن يظهر أنه مقعد، الأكاذيب وغيرها من الاكاذيب والحيل لأخذ أموال الناس بالباطل ،و قد سعت سلطة بلاد الغرب الاسلامي للقضاء عليهم من طرف فرض عقوبات عليهم يطبقها رجال الحسبة .

ب- السراق

أو مـــا يعـــرف بقطّـــاع الطّـــرق؛ هـــي أيضـــا مـــن الشـــرائح الأساســـية المهمشـــة والـــذي ويرجــــع انتشــــار اللصوصــــية إلــــى التمــــايز الاجتمــــاعي الــــذي أفرزتــــه مرحلــــة الحضــــارة والتـــرف والـــذي نـــتج عنهـــا ظهـــور فئـــة عـــاجزة عـــن تحصـــيل عيشـــها ناقمـــة متمـــردة عـــن شروط الحياة الجديدة فاتخذت من اللصوصية سبيلا لها وعرفـــت الظـــاهرة تناميـــا ســـواء فـــي المغـــرب أوالاندلس في مراحل الفتن والضعف للدول في الغرب الاسلامي

ورغـــم الجهـــود المبذولـــة مـــن طـــرف الســـلطة وأفـــراد المجتمـــع إلا أنهـــا لـــم تضـــع حـــدا لظــــاهرة الســــرقة فاضــــطر النــــاس لتحصــــين أنفســــهم

ج-الدعارة

لقـــد رافـــق اتســـاع رقعـــة الدولـــة في الغرب الاسلامي خاصة المرابطية والموحدية ، دخـــول أجنـــاس أخـــرى وتحـــول لحيـــاة النـــاس مـــن البـــداوة إلـــى حيـــاة التـــرف، ومـــا نـــتج عنهـــا مـــن تمـــايز طبقـــي انجر عنه ظهور آفات اجتماعية كثيرة من بينها ظاهرة الدعارة مواجهة  وقـــد حاولـــت السلطة الدولـــة مواجهـــة هـــذه الآفـــة مـــن خـــلال مراقبـــة أمـــاكن وجودهـــا ومعاقبــة فاعليهــا، وقــد أشــار ابــن عبــدون إلــى وجــود أمــاكن خاصــة لممارســي هــذه الآفــة تســـمى بـــدور الخـــراج، مـــع فـــرض رقابـــة لهـــؤلاء النســـاء التـــي مـــنعن مـــن كشـــف رؤوســـهن خــارج تلــك الــدور، كمــا نهــين عــن المشــاركة فــي الأفــراح ولــو دعــين لــذلك ، كمــا أشــار ابـــن عبـــدون إلـــى ضـــرورة فـــرض الحراســـة علـــى الحمامـــات والـــدور المشـــتبه فيهـــا بوقـــوع هــذه الآفــة، ولم تستطع السلطة في الغرب الاسلامي القضاء على هــــذه الآفــــة بشكل نهائي  لعـــدة عوامـــل اجتماعيـــة محضـــة مثـــل العـــزوف عـــن الـــزواج أو ظـــاهرة الطلاق المتفشية داخل المجتمع

 

د – الأيتام:

لم تذكر المصادر شيئا عن  أخبـــارهم، باســـتثناء مـــا ورد بطريقـــة عفويـــة فـــي ســـياق أخبـــار التـــاريخ السياســـي، والتـــي لا تعطــي صــورة واضــحة عــن أيــام هــؤلاء الأيتــام، ولعــل هــذا التكــتم الــذي طــال فئــة الأيتــام راجــع إلــى نظــرة المجتمــع إلــيهم علــى أنهــم مجــرد قاصــرين يعيشــون تحــت الوصــاية ومــن دون دور على صعيد الإنتاج الاقتصادي    إلــى أن هــذا التهمــيش السياسي والثقافي قــد أزالتــه بعــض الشــيء كتــب النــوازل التــي روت عــنهم بحيــث كتــب ابــن رشــد عــن اليتــيم إذا مــات والديــه فــان وصــايته تعــود علــى جــده أو عمــه، وقــد ، يكتـــب أبـــوه وصـــية قبـــل أن يمـــوت يوصـــيه فيهـــا لأحـــد وان يوصـــي احـــد الآبـــاء علـــى أبنـــائه أحـــدا قبـــل أن يمـــوت وان يشـــهد شخصـــا آخـــر يراقـــب مـــا يفعـــل الأول مـــع بنيــــه مــــن بعــــده . ولان وظــــيفة الوصــــي أو المشــــرف علــــى اليتــــيم تقتضــــي رعايتــــه والإشـــراف عليـــه إلـــى أن يصـــل ســـن الرشـــد، فمـــن حقـــه معرفـــة مقـــدار مـــال ذلـــك اليتـــيم الــذي تركــه لــه والــده، كمــا يحــق لــه الإشــراف علــى مــال ذلــك اليتــيم واســتثماره فــي التجــارة أو شيء من هذا القبيل والذي بدوره يعود بالفائدة على مال ذلك اليتيم


للمزيد من التفصيل في محتوى المادة يمكنكم الاطلاع على المراجع التالية :

المراجع :

المغيلي (محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (ت909/1503م)، رسالة في اليهود، تحقيق: عبد الرحيم بن حادة وعمر بنميرة، ط1- دار أبي رقراق للطباعة والنشر، المغرب 2005م.

- ابن حيان، أبو مروان حيان بن خلف بن حيان القرطبي(ت369هـ/1076م)، المقتبس من أخبار أهل الأندلس، تحقيق محمود على مكي، دار الكتاب العربي، بيروت (1973م).

ابن خلدون (أبو زكرياء يحي بن أبي بكر محمد بن محمد بن الحسن، ت 780ﻫ)، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد، تحقيق الدكتور عبد الحميد حاجيات، المكتبة الوطنية، الجزائر، 1980.

ابن خلدون، أبو زيد عبد الرحمان بن خلدون(ت808/1405م)، ترجمان العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، منشورات محمد عليّ بيضون، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت  1424/2003م.

-       ابن عبد الرؤوف أحمد بن عبد الله القرطبي(ت424هـ/1033م)، آداب الحسبة والمحتسب، تحقيق فاطمة الإدريسي تحت إشراف مصطفى الصمدي، دار ابن حزم، بيروت، ط1 (2005م)،.

-       ابن عبدون، محمد بن أحمد بن عبدون التجيبي(ق5هـ/11م)، رسالة في القضاء والحسبة، تحقيق ليفي بروفنسال، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، )  1995م).

-       ابن عذاري، أبو عبد الله أحمد بن محمد ( كان حيا 712هـ/1312م)، البيـان المغرب في أخبارالأندلس والمغرب، مكتبة دار صادر، بيروت(د.ت).

-       البرزلي، أبو القـاسم بن أحمد البلـوي (ت844هـ/1440م)، جـامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتيين والحكام، تحقيق محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1(2002م).

العقباني، محمد بن أحمد بن قاسم (ت871/1466م)، تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر، تحقيق علي الشنوفي، المطبعة الكاثوليكية، لبنان، 1967م.

المازوني، أبو زكرياء يحي بن موسى المغيلي المازوني (833/1478م)، الدرر المكنونة في نوازل مازونة، تحقيق حساني مختار، نشر مخبر المخطوطات، قسم علم المكتبات، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر، 2004م.

المقري، أبو العبـاس أحمد بن محمد ( ت1041هـ/1631م))، نفـح الطيب من غصن الأنـدلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت(2004م).

-       الونشـريسي أحمد بن يحي(ت914هـ/1508م)، المعيـار المعرب والجامع المغرب عن فتـاوى علماء إفريقية والأنـدلس والمغرب، تحت إشراف محمد الحجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت (1981م).

- بنمليح، عبد الإله، الاسترقاق في الغرب الإسلامي بين الحرب والتجارة، ط1، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة 1424/2003م.

- بوتشيش إبراهيم القادري مباحث في التاريخ الاجتماعي للمغرب والأندلس خلال عصر المرابطين، ط1، دار الطليعة للطّباعة والنشر، بيروت 1419ﻫ/1998م.

- بوعياد محمود، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط في القرن التاسع الهجري/15م، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر1403/1982م.

- الجنحاني، الحبيب، دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للغرب الإسلامي، ط2- دار الغرب الإسلامي، بيروت 1406ﻫ/1986م.

 - حركات إبراهيم، المجتمع الإسلامي والسلطة في العصر الوسيط، منشورات أفريقية الشرق، الدار البيضاء، 1419ﻫ/1998م.

- دهينة عطاء الله. الحياة الاقتصادية والاجتماعية لدولة بني زيان، الجزائر في التاريخ، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1410ﻫ/1984م.

- فيلالي عبد العزيز، تلمسان في العهد الزياني، مؤسسة موفم للنشر والتوزيع، الجزائر، 1423/2002م