مخطط الموضوع

  • محاضرة الأولى

    مدخل للمنظمات الدولية:

    مفهوم المنظمات الدوليّة:

     تُعَّرف المنظمة الدولية على أنّها مؤسسة تتكون عضويتها من ثلاث ولايات على الأقل، ويجتمع أعضاؤها باتفاق رسميّ، كما تقوم بأنشطة معينة في عِدَّة ولايات، أما اتحاد الجمعيات الدولية فتكون عضويتها بين الدول أو الأفراد، وعدد أعضائها أكثر من 250 منظمة حكومية بموجب اتفاقيات حكومية دولية وما يقارب 6000 منظمة غير حكومية، وتقوم المنظمات الدولية بعدة مهام منها تقديم الخدمات والمساعدات الطبية كمنظمة الصِّحة العالميّة، وجمع ورصد المعلومات مثل المنظمة العالمية للأرصاد الجويَّة، كما تساعد على تَعزيز التعاون بين الدُّول، وتسوية النِّزاعات من خلال العمل المُشتَرك بين الدُّول الأعضاء لتحقيق أهدافها.

    أنواع المنظمات الدوليّة تُقسم المنظمات إلى نوعين:

     منظمات دولية حكوميّة:  تُقسم إلى مُنظمات حُكوميّة وطنيّة وهي منظمات تُنشئها الدَّولة وتَدعمها من أجل القيام بِمهام مُعينة، ومنظمات حكومية دولية تُنشئها الدُّول باتفاقيات دُوليَّة، ولا تَخضع للقوانين الداخلية، وتتمتع بتسهيلات عمل (تَمتلك الحصانة)، كما تُشارك هذه المنظمات في سنّ قواعد القوانين الدولية من خلال الاتِّفاقيات، ومن أشهر الأمثلة عليها ما يُسمى بالمنظمات العالمية العامة كالأُمَم المُتحدة، ومنظمات عالمية متخصصة كاليونيسكو ومنظمة الصحَّة العالمية، ومنظمات إقليميّة عامة كجامعة الدُّول العربيّة، ومنظمات إقليمية متخصصة كمنظمة الأُوبك.

     منظمات دولية غير حكوميّة: وهي عِبارة عن مُنظمات غير رِبحية تتكون من مَجموعات تَطوعيَّة ينظمُها أفراد بشكل محليّ أو دوليّ، وتَخضع هذه المُنظمات للقوانين الداخلية الخاصة بتلك الدُّول. 

    أمثلة على منظمات دوليّة وإقليميّة

    الأمم المتحدّة: هي مُنظمة دُوليَّة تأسَّست عام 1945م ويبلغ عدد أعضائها 193 عضواً، ومن أهم أهدافها المحافظة على السلام والأمن الدُّولي، وتنمية العلاقات بين الدُّول والسَّعي إلى تحقيق تعاون مُشترك بينها في شتّى المجالات، كما تسعى إلى دعم الحُرِّيات واحترام حُقوق الإنسان بعدم التفريق بسبب الجِنس أو الدّين أو اللُّغة. 

    جامعة الدول العربية: تأسست عام 1945م ويبلغ عدد أعضائها الحالي 22 دولة. أُنشِئت الجامعة لعدة أهداف منها المحافظة على أمن المنطقة العربيَّة وتوثيق الصِّلات بين الدُّول المُشترِكة وتَنسيق الخطط السِّياسية لَها، كما تَسعى الجامعة لتحقيق التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصِّحية والثَّقافية.

     الاتِّحاد الأوُروبي: تأسس الاتِّحاد الأوروبي عام 1950م بدعم من المجموعة الأوروبية للفحم والصَّلب لإنهاء الحروب الدموية التي بلغت ذَروتها في الحرب العالمية الثانية وتضم حالياً 28 دولةً أوروبية تتلخص أهداف الاتحاد في تعزيز السلام والحرية والأمن والعدالة والسَّعي لتأمين رفاهية المواطن، ودعم التَّقدم العلمي والتكنولوجي، كما سعى الاتحاد لإنشاء عملة خاصة (اليورو) مما أدى لتحقيق مبدأ الوحدة الاقتصادية بين الدُّول الأعضاء.

     مُنظمة العفو الدولية: حركة دولية أُنشئت عام 1961م وتتلقى دعمها المادي من الأفراد حول العالم وليست من جهات حكومية مختصَّة، وتسعى إلى الإفراج عن السُجناء السياسيين ودَعم حقوق الإنسان، والدِّفاع عن المهاجرين واللاجئين حول العالم والسَّعي نحو العدالة والحُريَّة.

    • المحاضرة الثانية

      المقاربات النظرية المرتبطة بالمنظمات الدولية :

      1.  المقاربة القانونية: 

      لقد هيمن الطرح القانوني في البداية على دراسة المنظمات الدولية من كون المعاهدة الجماعية هي أساس وجود المنظمات. وذلك على شاكلة إعتراف القانون بالفرد والكائن الإنساني ،وتطور ذلك من الحقل الداخلي إلى الحقل الدولي مما أدى إلى تثبيت مقولة إحترام حقوق الإنسان.

      أما بالنسبة للدول فإن أساسها هو السيادة التي تجد دعامتها في الأمة ، وهذا ما لا يتوفر بالنسبة للمنظمات الدولية ،وبالتالي فإن المنظمة لا تجد أساسها لا في الفرد ولا في السيادة وإنما في مفهوم جديد في العلاقات الدولية وهو مفهوم المرفق العام الدولي.

      2. المقاربة التاريخية:

      تهدف على وصف الوقائع التاريخية ،وهذا المفهوم الحدثي يركز على الحدث للتاريخ، ويستبعد التعميمات التي تدخل في نطاق الأنثروبولوجيا ،وعلم السوسيولوجيا ، والجيوبوليتيك والعلوم الإقتصادية ) فلا تعميمات إذا في تاريخ العلاقات الدولية حتى ولو جرت دراسة تطور البنى السياسية والإجتماعية ، حيث يصار إلى النظر في كل بنية على حدة وتبعا لخصوصيتها ،  ونذكر على سبيل المثال مسألة تطور البرلمانية بينما في العلاقات الدولية فالمسائل تظل معكوسة إذ أن التعميمات ضرورية للتمكن من إبداء التوقعات .

      فالطرح التاريخي الذي حل محل التاريخ الدبلوماسي لم يعد يكتفي بدراسة تصرف الحكومات أو ممثليها في الخارج، بل إنه أضاف مجالا جديدا لتعمق المتخصصين من أجل فهم الأحداث والوقائع المتعلقة بحقبة زمنية معينة، فنجد أولا مدرسة "تاريخ الأحداث السنوية " Ecole des annale (مدرسة الحوليات) والتي اشتهرت مع فيرناند بروديل ، وكل من بييررينوفان  و جون باتيست  ديروزيل بعد الإنتهاء من وضع مؤلفيهما عن " تاريخ العلاقات الدولية " ثم "مدخل للعلاقات الدولية" والذي يوضحان فيه القوى العميقة التي تؤثر على هذه العلاقات .

      كما تروم المقاربة التاريخية دراسة الوقائع التاريخية عبر الأزمان والحقب،فهذه المقاربة تتخللها عدد من التيارات ، هناك تيار يذهب إلى القول بأن التاريخ هو رصد لأحداث الماضي ، وهناك من يرى أن التاريخ نوع من المسار الحركي البنيوي القائم على الصراع من منطلق المادية التاريخية بين البنيات المتناقضة المصالح حسب المنظور الماركسي.

      3.  المقاربة الإندماجية أو التكاملية: 

      يزداد اللجوء إلى نظريات التكامل والإندماجية لتفسير الظاهرة الإقليمية التي تتعزز في كافة مناطق العالم ، فالتجربة الأوروبية تمثل نموذجا متميزا في نجاحها بين دول شهدت  ثلاثة حروب مدمرة في أقل من قرن من الزمن ، كما أن زيادة الإعتماد المتبادل بين الدول أصبحت تدفع مناطق مختلفة في العالم إلى تنظيم تعاونها الإقتصادي والإجتماعي في ظل تعاظم العولمة الإقتصادية ، ويتضح من تجارب التكامل أنها كانت تعبر إما عن إرادة سياسية من أجل ضمان الأمن والتعاون ما بين الدول الأعضاء ، وإما أنها تخضع لمنطق وظيفي يرتبط بتحقيق حاجات أساسية يمكن تأمينها من خلال تعزيز التبادل والإتصالات ما بين الشعوب .

      وقد تميزت النظريات الإندماجية بكونها مثلت في حالات كثيرة مرجعا يعتمد عليه من أجل تطوير ميادين دولية وإقليمية مثل الفلسفة التي كانت وراء إنشاء المنظمات الدولية المتخصصة بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك بالنسبة لقرار إنشاء الجماعة الأوروبية في بداية الخمسينات .

      وفي هذا المضمار دراسات كارل دويتش Carl Deutsch في تأكيدها على أن التكامل يفرض وجود علاقات بين الدول إلى درجة أن هذه الدول لم تعد تورد في حسابها إمكانية نشوب حرب فيما بينها .

      وبذلك يحدد دويتش الإندماج بواسطة مفهوم " مجموعة الأمن" "Communauté de sécurité " والتي يمكن أن تكون مندمجة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من تعدديتها  .

      ويركز دويتش على دور الإتصال (السبرناتيك Cybernitics ) في اتجاه علاقات الود أو العداء بين الجماعات السياسية ، ويجدد دويتش بأن تدفق الإتصالات عادة ما يؤدي إلى وحدة الشعوب، وأن الحدود تنشأ حيث تقف او تضعف الإتصلات.

      4.    المقاربة النسقية أو النظمية: 

      لقد تطابق إعداد نظرية النظم في الأبحاث حول العلاقات الدولية مع الحاجة الملحة التي استشعرتها الولايات المتحدة الأمريكية لتأهيل قادتها السياسيين ومع بذل الجهود ليكون هذا التأهيل قائما على قاعدة علمية خاصة وأن سياسة الخصم خلال الحرب الباردة كانت تركز على الماركسية المعروفة بأنها علمية وقادرة على إيجاد قوانين موضوعية للتطور البشري.

      إن تطور النسقية في حق علم الإجتماع لدى  تالكوت بارسونز T.Parsons  أستخدم كعلم مرجعي لإعداد نظرية النظم في علم السياسة لذى يعتبر بارسونز أن المهام الأساسية لأي نظام يرغب بالبقاء والحفاظ على الإستقرار يجب أن يتميز بالخصائص الآتية :

      1-حفظ و إعادة إنتاج السمات الأساسية للنظام .

      2-التكيف مع المحيط الذي يعيش فيه .

      3-تحقيق أهدافه وغاياته .

      4-الإندماج وهذا يعني أن جميع أقسام النظام ووظائفه تتحرك بشكل متناسق وألا تعارض مع بعضها البعض.

      ويرى Parsons  أنه انطلاقا من فهم هذه المهام يمكننا فهم سلوك النظام ككل أو النظام المساعد المتواجد داخل النظام نفسه ، وبالتالي إمكانية التوصل إلى وضع مقارنة بين هذه الأنظمة .

      وقد إعتمد على منطلقات بارسونز وطورها عدد من الباحثين  ديفيد آستون وجبريال ألمون في الولايات المتحدة المريكية وجون برتون J.Burthom  في بريطانيا ومارسل ميرل في فرنسا الذين طبقوا نظرية النظام الإجتماعي على تحليل ودراسة العلاقات الدولية من خلال ترسيخ مقولات التالية:

       أن "النظام هو مجموعة عناصر متفاعلة وتألف كلا واحدا ، وتظهر تنظيما معينا من خلال (التفاعل ، الكلية ، التنظيم ).

      -أن كل نظام مؤلف من عناصر قد تكون وحدات.

      -التفاعل هو نتيجة التفاعل القائم بين هذه العناصر إذ أنه  لا يمكن الحديث عن  نظام بدون علاقات تفاعلية.

      -إن مجموع الأشخاص والعلاقات القائمة بينهم تشكل كلا متكاملا .

      -ويظهر كل ذلك من خلال تنظيم معين يتحدد وفق العلاقات القائمة بين العناصر والإلتزامات التي يتم التعبير عنها ويتأثر هذا النظام بمحيطهه من خلال المؤثرات الداخلة والمدخلات Inputs  والنواتج والمخرجات : Outputs  ، وبما ان النواتج تتأثر بالمحيط الذي يمكن اعتباره نظام أشمل أو نظاما آخر مختلف فإن هناك عملية تفاعل تؤدي إلى مدخلات جديدة Feed back.

      M.Virally  فقد نجح الفقيه ميشيل فيراني في توظيف هذه المقاربة النسقيةفي  ظاهرة التنظيم  الدولي إذ شبه هذا الأخير واقع علاقة الإرتباط والإنتظام داخل المنظمات الدولية بمنظومة المجموعة الشمسية .

      أما عن الكيفية التي تتأمن فيها زيادة الإتصالات فيمكن تلخيصها : في التعامل مع شروط محلية و إقليمية وعالمية من أجل تجاوز العقبات ، وقدرة النخب الحاكمة والسياسية على التعامل مع هذه الشروط وإيمانها بوجود حافز مشترك.وكذا دور القوى  غير الحكومية (شركات عبر وطنية ،قوى سياسية و نقابية) في خلق عدد من القنوات التي تؤدي إلى هذا التكامل .

      مع وجود درجة عالية من الإعتماد في المجالات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية مما يجعل من موضوع الأمن في بعده العسكري في درجة متدنية ، وقد يختفي أحيانا  من قاعدة الموضوعات .

      5.     نظرية التعاون عند أكسيلورد :

      ولتفسير هذه المسألة عمد العالم   Robert Axeleord  إلى إمكانية إقامة تعاون دائم بين أطراف يسعون لتحقيق مصالح خاصة عندما يكتشفون أن من مصلحتهم الخروج عن عزلتهم وإثامة علاقات تعاون على قاعدة الفائدة المتبادلة.

      وتستند هذه النظرية علة مقولة "هذه بتلك Donnant Donnant" ، التي طبقت على ما يعرف بمعضلة السجين ،من خلال تطبيق استراتيجيات مختلفة و بعد عدة مباريات تم اكتشاف ان أفضل النتائج التي يمكن التوصل إليها يتم إحرازها من خلال ما أسماه "سوف أعاملك بنفس معاملتك " فإذا غدرت سوف أغدر وإذا تكرر غدرك سوف أرد بالمثل ، أما إذا تعاونت فسوف أتعاون معك وإذا عدت إلى التعاون سأعود إليه ، وفي النهاية يتبين للاعبين أن مجموع المنافع يزيد  بتعلم التعاون.

      وإستنادا إلى ما سبق فإن التطور التقني والحاجة لإبى تنظيم الإتصالات الدولية من أجل تأمين إزدهار حركة المبادلات كانت من الأسباب الأولى التي أدت إلى إنشاء الإتحادات العالمية ، ومع تطور العلاقات لإقتصادية الدولية  ظهرت ضرورة ضمان إستمرارها وإزدهارها بالتوجه نحو  إنشاء منظمات دولية تضمن إحترام معادلات مشتركة في ميادين العمل والنقد والتجارة.

      وهذا ما يفسر إنشاء منظمة العمل الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، و كذلك الأمر بالنسبة لإنشاء مؤسسة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي قبل إنتهاء الحرب العالمية الثانية.

      وقد تزامن مع تطور هذه المنظمات تطور فكرة التضامن الدولي تجاه المسائل الإجتماعية .

      وما إنشاء منظمة اليونيسكو إلا ردة فعل على ظاهرة الحرب وتطوير فكرة السلم في عقول ونفوس الناس ونفس المنطق استحضر في غنشاء منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "FAO.

       


      • المحاضرة الثالثة

        سلطات المنظمات الدولية: 

        تمنح المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية فروع المنظمات السلطات التي تخولها مباشرة إختصاصات سعيا وراء تحقيق أهداف المنظمة والمصالح المشتركة للدول الأعضاء، وتختلف هذه السلطات من منظمة إلى أخرى بحسب طبيعة الوظائف التي تقوم بها المنظمة والغرض الذي من أجله تم إنشاءها ووفقا لما تقرره المواثيق المؤسسة لكل منها، وتتمثل سلطات المنظمات الدولية في سلطة البحث والدراسة وسلطة إتخاذ القرارات الملزمة وغير الملزمة إلا أن هذه السلطات ترد عليها بعض القيود التي تضعها الدول الأعضاء .

        أولا - سلطة البحث والدراسة :

        وهي السلطة الأساسية التي تخولها المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية في إعداد الدراسات والأبحاث حول الموضوعات التي تدخل في اختصاص المنظمة الدولية ، وتمارس المنظمة هذه السلطة إما بواسطة أجهزتها المباشرة وإما بواسطة الدول الأعضاء عن طريق عقد مؤتمر دولي تدعو إليه المنظمة تحضره كافة الدول الأعضاء أو عن طريق مطالبتها الدول الأعضاء بإعداد تقارير وأبحاث في مسائل معينة إذا كان هناك نص صريح في ميثاق المنظمة يلزمها بذلك  ومثال سلطة البحث والدراسة التي تقوم بها أجهزة المنظمة ذاتها ما نصت عليه مواثيق بعض المنظمات من قيام المنظمة بإجراء الدراسات والأبحاث حوص بعض المسائل وعرض نتائج هذه الأبحاث على الأعضاء لمناقشتها واتخاذ ما يلزم بشأنها من قرارات وتوصيات من ذلك ما نصت عليه المادة 13  من ميثاق منظمة الأمم المتحدة من أن للجمعية أن تقوم بدراسات بقصد إنماء التعاون الدولي في الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية وغيره ... ، كما نصت المادة 62 الفصل الأول من أن للمجلس الإقتصادي والإجتماعي أن يقوم بدراسات ويضع تقارير عن المسائل الدولية في أمور الإقتصاد والإجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بها ، كما أن له أن يوجه النظر إلى مثل تلك الدراسات وإلى وضع مثل تلك التقارير.

        وبالنسبة لسلطة المنظمة في إجراء البحوث والدراسات عن طريق عقد مؤتمرات تدعو إليها الدول الأعضاء ، فإن المادة 62 الفصل الثالث  من ميثاق الأمم المتحدة قد نصت على أنه للمجلس الإقتصادي والإجتماعي أن يدعو إلى عقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل التي تدخل في دائرة إختصاصه وفق القواعد التي تضعها الأمم المتحدة .

        كما أن المنظمة تملك – إذا أجاز ميثاقها صراحة – سلطة إشراط الدول الأعضاء وتكليفها بإعداد تقارير ودراسات وبحوث حول مسائل معينة تحددها المنظمة ، مثال المادة 25 من ميثاق منظمة العمل الدولية بإلتزام الدول الأعضاء بتقديم تقارير حول تنفيذها لإتفاقيات العمل الدولية التي صادقوا عليها وإزالة التعارض بينها وبين التشريعات المحلية .

        ثانيا : سلطة إصدار القرارات:

        إن ما يميز استقلال المنظمة الدولية عن الدول الأعضاء هو مدى قدرة المنظمة على اتخاذ القرارات المتعلقة بمباشرة مهامها الوظيفية لتحقيق الأهداف الني أنشئت من أجلها المنظمة .

        والقرار بمعناه الواسع هو كل تعبير إرادي صادر من منظمة دولية والقرارات التي تتخذها المنظمة قد تكون ملزمة وقد تكون غير ملزمة . ومن صور القرارات غير الملزمة ما تصدره المنظمة من توصية أو رغبة أو نصيحة أو رأي أو تصريح أو دعوة إلى منظمة دولية أخرى أو دولة عضو أو أحد الأجهزة التابعة لها في موضوع معين ، والتوصية ليس لها أي قوة قانونية ملزمة ولا يترتب عليها أي أثر قانوني إلا إذا قبلها من وجهت له ، ولا يترتب على مخالفتها أي أثر قانوني إلا إذا قبلها من وجهت له ولا يترتب على مخالفتها أية مسؤولية دولية إلا أن لها قيمة أدبية وسياسية في مواجهة أعضاء المنظمة ، والتوصية لا يكون لها التأثير الأدبي والسياسي إلا إذا صدرت وفق الأغلبية التي تشترطها المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية.

        والتوصية تعتبر وسيلة تمهيدية لإتخاذ قرارات ملزمة بحق من وجهت إليه التوصية ولم يمتثل لها . مثال ذلك أن ميثاق الأمم المتحدة على منح مجلس الأمن سلطة اتخاذ توصيات لحل المنازعات حلا سلميا ، كما منحته سلطة اتخاذ قرارات ملزمة إذا لم تجد تلك التوصيات قبولا من الدول وصار النزاع مهددا للسلم والأمن الدوليين ( الفصل السادس والسابع من الميثاق).

        أما عن سلطة المنظمة في إقدار القرارات الملزمة للدول الأعضاء فإنها تتمثل في سلطة إبرام الإتفاقيات الدولية مع الأشخاص الدولية الأخرى ،كالدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظمات الدولية الأخرى في المجالات المتعلقة باهداف ووظاءف المنظمة وفي حدود اختصاصاتها . مثال ذلك مانصت عليه المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة التي اجازت للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقترح على الدول العضاء إبرام الإتفاقيات المتعلقة بمباشرة الأمم المتحدة لأهليتها القانونية ولوظائفها في أقاليم هذه الدول مثل إبرام الأمم المتحدة لإتفاقية المقر مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1947.

        ويمكن للمنظمة الدولية أن تعقد اتفاقيات دولية مع دولة غير عضو بالمنظمة مثال ذلك اتفاقيات المقر المبرمة بين الأمم المتحدة وحكومة سويسرا بشأن المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف ( قبل إنضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة رسميا في 2002).

        كما يمكن للمنظمة الدولية أن تبرم إتفاقيات دولية مع منظمة دولية أخرى مثال ذلك أن المادة 63 من ميثاق الأمم المتحدة نصت على أن يقوم المجلس الإقتصادي والإجتماعي بعقد اتفاقيات مع أي وكالة من الوكالات الدولية المتخصصة للوصل بينها وبين الأمم المتحدة وتعرض هذه الإتفاقيات على الجمعية العامة للموافقة عليها .

        ويتولى عادة ميثاق المنظمة تحديد الجهاز المختص بإبرام الإتفاقيات الدولية كما تمتلك المنظمة بالإضافة إلى سلطة إبرام الإتفاقيات سلطة إصدار القرارات التنفيذية الملزمة في مجالات العمل الداخلي كالقرارات المتعلقة باعتماد ميزانية المنظمة والقرارات المتعلقة بانتخاب أعضاء الأجهزة الرئيسية للمنظمة .

        وتصدر المنظمة قراراتها الملزمة في مواجهة الدول الأعضاء ، ومع ذلك يجوز إصدار قرارات تنفيذية ملزمة في مجالات العمل الداخلي كالقرارات المتعلقة باعتماد ميزانية المنظمة والقرارات المتعلقة بانتخاب أعضاء الجهزة الرئيسية للمنظمة .

        وتصدر المنظمة قراراتها الملزمة في مواجهة الدول الأعضاء ومع ذلك يجوز إصدار قرارات تنفيذية ملزمة في مواجهة الأفراد. إلا أنه فيما يتعلق بالمنظمات الدولية ذات الإختصاص السياسي فإنها لا تتمتع بسلطة إصدار القرارات الملزمة بسبب حرص الدول على الإحتفاظ بسيادتها الكاملة في مجال المنازعات الدولية .

        كما تملك المنظمة الدولية سلطة إصدار اللوائح التنظيمية الداخلية التي تحدد أسلوب العمل في المنظمة ، مثال ذلك أن المواد 21،30،72،90 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على منح الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الإقتصادي والإجتماعي سلطة إصدار اللوائح الإدارية والمالية والإجرائية للمنظمة لسير العمل بالمنظمة ، كما أن المنظمات الدولية العاملة في مجال التعاون الفني تصدر لوائح تنظيمية ملزمة للدول الأعضاء ، مثال ذلك قيام منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولية بإصدار لوائح تنفيذية ملزمة .

        وأخيرا تتمتع المنظمة الدولية بسلطة الرقابة على تنفيذ الدول الأعضاء للإلتزامات المفروضة في الميثاق ، مثال ذلك إلتزام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الدولي بتقديم تقارير سنوية عن مدى تنفيذها للتوصيات ولإتفاقيات الدولية الصادرة في مجال العمل .


        • المحاضرة الرابعة

          نظام العضوية في المنظمات الدولية 

          المنظمة الدولية كما أسلفنا هيئة او تنظيم تخضع لمجموعة من القواعد تتعلق بنشأة واهداف وأجهوة المنظمة ونظام العضوية فيها .

          من يملك حق إكتساب العضوية في المنظمات الدولية؟ 

          حق العضوية في المنظمة الدولية  قاصر أساسا على الدول كاملة السيادة لنها وحدها التي تستطيع أن تتحمل الإلتزامات الناشئة عن العضوية وهي وحدها التي تملك التعبير عن إرادتها ، لذلك فإن الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي والتي لاتزال تحت الوصاية لا تكتسب العضوية في المنظمة الدولية .

          وتمتع الدول بالسيادة الكاملة لا يعني تمتعها بالعضوية في أي منظمة دولية لأنه لا يجب ان تتوافر شروط معينة في الدولة طالبة العضوية التي تتفاوت ضيقا واتساعا من منظمة إلى أخرى.

           فالمنظمات الدولية عالمية العضوية كالأمم المتحدة عضويتها مفتوحة  لكل الدول بغض النظر  عن موقعها الجغرافي ومعتقجها  المذعبي طالما أبدت الدول التزامها بالميثاق وترى منظمة الأمم المتحدة إنها قادرة على تنفيذ الإلتزامات .

          *أما المنظمة الإقليمية فهي محدودة العضوية ويشترط فيها انطباق شروط العضوية على الدولة طالبة العضوية من حيث المعيار الجغرافي والمذهبي فجامعة الدول العربية لات قبل في عضويتها إلا الدول العربية والإتحاد الإقريقي لايقبل في عضويته إلا الدول الواقعة في القارة الإفريقية والجزر المجاورة للقارة (24 جزيرة).

          والعضوية في المنظمة الدولية قد تكون عضوية أصلية ***للدول التي تؤسس المنظمة الدولية أي التي اشتركت في وضع الميثاق المؤسس للمنظمة ومثال الدول التي اشتركت في مؤتمر سان فرانسيسكو والتي وقعت على الميثاق وصادقت عليه 51 دولة ومنظمة الوحدة الإفريقية التي اشتركت في مؤتمر أديس أبابا 1963 وعددها 32 دولة ، وفي جامعة الدول العربية الدول التي اشتركت في مؤتمر الإسكندرية 1945 وعددها سبع دول عربية .

          وقد تكون العضوية بالإنضمام وتثبت للدول التي يثيبل طلب غنشمامها للمنظمة بعد نشوئها وإعلان قيامها ، وافنتماء إلى المنظمة الدولية يتخذ صورتين : إما عضوية عادية وهي التي يتمتع فيها العضو بكافة الحقوق ويتحمل كافة الإلتزامات التي ترتبها المعاهدة المنشئة للمنظمة وأما عضوية منتسبة لا تمنح الدولة المنتسبة كافة حفوف العضوية العادية ولا تتحمل كافة إلتزاماتها .

          والعضوية المنتسبة قد تمنح للدول في إحدى المنظمات الدولية التي يسمح ميثاقها بمثل هذا النوع من العضوية كما قد تمنح لغير الدول حيث تمنح بعض الوكالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة للوحدات الإقليمية افنتساب إليها ( اليونيسكو ، منظمة الصحة العالمية ،الفاو )  وتتميز العضوية في المنظمة الدولية بانها اختيارية وليست إجبارية فليس هناك سلطة تجبر الدولة على الدخول في المنظمة الدولية  رغما عن إرادتها .

          الأحكام الخاص بقبول العضوية: 

          تنص المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية على الشروط الموضوعية والإجرائية لإكتساب العضوية ، وهذه الشروط تختلف من منظمة إلى اخرى فإجراءات اكتساب العضوية في منظمة الأمم المتحدة تتطلب ان تقدم الدولة طلب العضوية للأمين العام الذي يرفع الطلب إلى مجلس الأمن فيحيله رئيس المجلس إلى لجنة قبول العضاء لفحصه وإعداد تقرير بشانه وغحالته إلى مجلس الأمن الذي يصدر على ضوئه توصية بالقبول متضمنة موافقة الدول الخمس الكبرى ومن لم يعرض الأمر على الجمعية العامة  التي تقوم بالتصويت على هذا الطلب فإذا تحصل الطلب على موافقة ثلثي العضاء الحاضرين المشتركين في التصويت أصبحت الدولة عضوا في الأمم المتحدة من تاريخ صدور قرار الجمعية العربية .

          وجامعة الدول العربية تعطي الحق لكل دولة عربية مستقلة الإنضمام إلى الجامعة غذا رغبت في ذلك وقدمت طلبا إلى مجلس الجامعة الذي يصدر قراره بالإجماع .

           الأحكام الخاصة بإنهاء العضوية:  

          قد يعترض العضوية في المنظمة الدولية لبعض المؤثرات التي تؤدي إلى عدم استمرار عضوية الدولة في المنظمة لأسباب ترجع إما إلى إرادة الدولة ذاتها كان تنسحب من المنظمة وغما بسبب فقد العضو صفة الدولة وإما بموجب قرار يصدر عن المنظمة كعقاب يوقع على الدولة المعنية .

          أولا: الإنسحاب من عضوية المنظمة:

          تطبيقا لمبدأ حرية الدولة في الإشتراك في تأسيس منظمة دولية فإن للدولة الحرية في الإنضمام إلى عضويتها او عدم الإنضمام إليها ، كما لها كذلك الحق في الإنسحاب منها متى شاءت ما لم يكن هناك نص في معاهدة إنشاء المنظمة يمنع ذلك أو يضع قيودا لذلك .

          وتنص المعاهدة المنشئة للمنظمات الدولية على حق الدولة العضو في الإنسحاب من الجامعة بشرط إبلاغ مجلس الجامعة بعزمه على افنسحاب قبل تنفيذه بسنة (قضية ليبيا).

          كذلك نصت المادة الولى من ميثاق منظمة المم المتحدة على حق الدولة في الإنسحاب من المنظمة مع استمرار تحملها لبعض الإلتزامات لمدة سنتين تاليتين على الإنسحاب .

          ويثور التسءاؤل في حالة عدم النص على حق الدولة في الإنسحاب من المنظمة الدولية ، وفي هذا الصدد إختلفت الآراء في تفسير هذا السكوت ،فيرى البعض بان سكوت النص يعني عدم السماح للعضو بالإنسحاب من المنظمة باعتبار أن المنظمة خلقت لمدة غير محددة ، الأمر الذي يعني أنه لا يمكن لأحد أن يتحلل من الإلتزامات الناشئة عن عضويته في المنظمة بإرادته المنفردة .

          وهناك رأي آخر يذهب إلى إعطاء الدولة حق افنسحاب من المنظمة الدولية باعتبار أنه نتيجة طبيعية لمبدا السيادة ولايمكن إجبار عضو على الإستمرار في التعاون داخل المنظمة القائمة على التعاون افختياري فيما بين الدول وبالتالي فإنه لايمكن إجبار دولة فقدت الرغبة على الإستمرار في عضوية المنظمة الدولية والإنسحاب الإرادي من المنظمة يتم كذلك في حالة تعديل الميثاق وعدم موافقة الدولة على التعديل .

          ثانيا : فقد العضو صفة الدولة:

          وفقا لقواعد القانون الدولي لا تمنح العضوية في المنظمة الدولية إلا للدول التي تحتفظ بعنصري السيادة والإستقلال بحيث إذا فقدت الدولة سيادتها واستقلالها بسبب اندماجها في دولة اخرى أو استعمارها من قبل دولة أخرى فإنها تفقد شرطا من شروط الإنضمام وهو ان تكون دولة مستقلة ذات سيادة .

          على أنه في حالة استعادة الدولة لكسانها مرة أخرى فإنها تستعيد مقعدها في المنظمة دون حاجة إلى اتباع الإجراءات المتعلقة باكتساب العضوية وهو ما استقر عليه العمل في المنظمة الدولية ، مثال انفصال سوريا ومصر عام 1961 اعاد لهما مقعديهما في المم المتحدة دون غجراءات قبول الأعضاء الجدد .

          ثالثا : الإيقاف والفصل من المنظمة:

          أ- وقف العضوية : هو غنهاء مؤثت للعضوية في المنظمة بقصد حرمان الدولة الموقوف عضويتها من التمتع بمزايا العضوية وومارسة حقوقها لفترة معينة تحددها المنظمة ، ويوقع جزاء وقف العضوية على الدولة التي تخل بالتزاماتها طبقا للوثيقة المؤسسة للمنظمة .

          وقد أجازت المادة 5 من ميثاق الأمم المتحدة  للجمعية العامة إيقاف عضوية أية دولة إتخذ مجلس الأمن قبلها عملا من اعمال المنع او القمع من مباشرة حقوق العضوية ومزاياها ويكون ذلك بناءا على توصية مجلس الأمن .

          ويترتب على إيقاف العضوية حرمان الدولة من مباشرة حقوق العضوية ومزاياها مثل حق التصويت والإشتراك في لجان المنظمة وتنص بعض مواثيق المنظمة الدولية على اختصاص المانة العامة في المنظمة باتخاذ قرار وقف العضوية بصفة كاملة أو جزئية .

          ووقف العضوية في الأمم المتحدة قد يمتد إلى بعض المنظمات الدولية المرتبطة بها كمنظمة اليونيسكو أما المنظمات التي تربط بين الإيقاف في عضوية الأمم المتحدة والإيقاف في المنظمات المرتبطة بها ، فإن عقوبة الوقف تظل قاصرة عليها مع ملاحظة ان وقف العضوية لا يؤدي إلى تحلل العضو الموقوف من إلتزاماته تجاه المنظمة مدفع حصة من مصاريف المنظمة او لتغطية التدابير التي يقرها مجلس الأمن .

          ولم تتخذ المم المتحدة حتى الان قرارا بوقف العضوية تجاه أحد اعضائها بينما استعملت جامعة الدول العربية تجاه مصر بعد توقيعها لإتفاقيات  كامب ديفد مع الكيان الإسرائيلي بموجب قرار مؤتمر وزراء الخارجية المنعقد في بغداد مارس 1979.

          ب- فصل العضو من المنظمة :

          وهو من أشد الجزاءات التي تتخذها المنظمة الدولية تجاه أعضائها إذ يعتبر السلاح الخير الذي يطبق على الدولة التي تمعن في الخروج على احكام الوثيقة المؤسسة للمنظمة ويترتب عليه فقدان الدولة لعضويتها في المنظمة .

          وتنص المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية بوجه عام على هذه العقوبة في حالة انتهاك الدولة لأحكامها .

          المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على طرد العضو في حالة إمعانه في انتهاك مبادئ الميثاق بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن .

          المادة 19 من ميثاق جامعة الدول العربية

          ويثور التساؤل في حالة عدم النص على هذه العقوبة في المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية حول حق المنظمة في إصدار قرار بفصل العضو .

          لإن ما جرى عليه العمل يفيد بان المنظمات التي خلت مواثيقها من عقوبة الفصل قد استعلمت هذه العقوبة في مواجهة العضاء الذين إنتهكوا مواثيقها .

          مثال ذلك : أن منظمة العدل الدولية قامت بطرد جنوب إفريقيا من عضويتها بسبب السياسية العنصرية التي تمارسها تجاه المواطنين الأفارقة ، كما طردت منظمة الدول المريكية كوبا من عضويتها في 31 يناير عام 1962 بالرغم من خلو المعاهدات المنشئة للمنظمتين من عقوبة الفصل .


          • المحاضرة الخامسة والأخيرة

            تمويل المنظمات الدولية:  

            وجود ميزانية مستقلة للمنظمة الدولية تجسيد للشخصية القانونية المستقلة التي تتمتع بها المنظمة ويتم وضع ميزانية خاصة بالمنظمة مع ناهية كل سنة للصرف منها على ما تحتاجه المنظمة من مبالغ على أنشطتها الإدارية والتقنية ، مثل مرتبات الموظفين ومقابل إيجار مقر المنظمة والدوائر الملحقة بها وغير ذلك من المصروفات.

            ويتم إعداد مشروع الميزانية سنويا من قبل الأجهزة الفنية في المنظمة ويقوم أمين عام المنظمة بتقديم المشروع إلى الجهاز الخاص للمنظمة لإقراره وعرضه للتصويت والموافقة النهائية عليه من قبل الحهاز العام أي الجمعيةالعامة وتضع بعض المنظمات ميزانيتها لمدة سنتين (منظمة اليونيسكو) أو لمدة أربع سنوات ( المنظمة العالمية للأرصاد الجوية) وتشمل الميزانية على بيان المداخيل والمصروفات السنوية المتوقعة ،ومع ذلك تأخذ بعض المنظمات بنظام تعدد الميزانيات ، تكون إحداها إدارية والأخرى لما تخصصه من خطط وبرامج وأنشطة خلال السنة وتقدر الميزانيةلى أساس الوحدة النقدية التي يوجد بها مقر المنظمة .

            وتتكون إيرادات الميزانية من مساهمات الدول الأعضاء والمساهمات الإختيارية والتبرعات .

            ويتم تحديد مساهمة كل دولة بنسبة مئوية محددة من ميزانية المنظمة ، ووفقا للقدرة المالية وعدد سكان الدولة العضو بالمنظمة ووفقا لمدى حدم إنجازاتها الدولية مثال ذلك تحدد الجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق لجنة الإشتراكات الأنصبة السنوية لإشتراكات الدول العضاء على أساس مستوى الدخل القومي ة مقارنة بنصيب الفرد ، وبحد أقصى 25%من ميزانية المنظمةبحد ادنى 0.04% حتى لا تقع المنظمة تحت تأثير أي دولة عضو.

            وتنص المواثيق الدولية على الجزاء المترتب على عدم قيام الدولة العضو بدفع نصيبها في ميزانية المنظمة ، مثال ذلك المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه ( لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد إشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة إذا كان المتأخر عليه مساويا لقيمة الإشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائدا عنهما ، وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا إقتنعت بان عدم الدفع ناشئ عن أسباب لاقبل للعضو بها ).

            كما قررت نفس الجزاء المادة 62 من إتفاقية شيكاغو المؤسسة لمنظمة الطيران المدني الدولية.

            بالإضافة إلى إشتراكات الدول العضاء فإن المساهمات الإختيارية التي تقدمها الدول والمنظمات الحكومية او غير الحكومية لتمويل برامج ونشاطات المنظمة تمثل جزءا من موارد المنظمة مثل المساعدات والتبرعات والهبات التي تقدم لصندوق المم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أو لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

            كما تتكون موارد المنظمة من القروض التي تتحصل عليها المنظمة لمواجهة بعض النفقات الطارئة وهي لا تلجأ إلى الإقتراض إلا بصفة  إستثنائية.

            أيضا تمثل المبالغ التي  يتم تحصيلها مقابل تقديم بعض الخدمات التي تؤديها المنظمة وأجهزتها جزء من موارد المنظمة

            والمنظمة الدولية لا تملك فرض ضرائب معينة لأنها لا تتمتع بالسلطة التي تملكها الدولة على الأفراد والهيئات بإنشاء مايتم تحصيله من ضرائب على مرتبات موظفيها.

            ويتم مقاربة أوجه الصرف في المنظمات الدولية سنويا من قبل الخبراء الماليين الذين يتم تعيينهم بالخصوص من خارج المنظمة وعن طريق جهاز المراقبة المالية الداخلية بهدف تحقيق إدارة فعالة واقتصادية والمحافظة على الأصول المادية للمنظمة الدولية.