دور المتحف في تعزيز الهوية الوطنية

عرف المؤتمر العالمي لوزارة الثقافة بمكسيكو سنة 1981 الهوية الوطنية على أنها جميع الصفات الذاتية والروحية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات، وهي مجموع التراث الثقافي والحضاري الذي ترثه جماعة ما عن ماضيها و يساهم في تشكيل كيانها، فالهوية هي وعي الجماعة بتاريخها وتعرفها على ذاتها من خلاله، وأن الثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته.

و الهوية الوطنية هي تلك البصمة التي تطبع الشخصية الوطنية وتميز مجتمع عن آخر وذلك من خلال عموميات و ثوابت ثقافية راسخة لدى الفرد ورثها من جيل لآخر انطلاقا من عاداته وتقاليده وتراثه، يكتسبها من الأسرة والمؤسسات التربوية التعليمية والثقافية،... لكن هذا لا ينفي وجود اختلاف مباح حول بعض العناصر الثقافية، والتي لها حدود لا يجب أن نتجاوزها و إلا أصبحت تهدد وحدة وسلامة المجتمع وهويته الوطنية.

إن الدور المحوري الذي تلعبه المتاحف، بمختلف أنواعها كمؤسسات ثقافية حضارية هامة للمجتمع من شأنها نشر وتعميق ثقافته وتاريخه وهويته الحضارية وتراثه الفكري والمادي، حيث تخطت الكثير من المتاحف دورها التقليدي في عرض تحف يخشى ضياعها وتزدحم قاعاتها بالمعروضات، فتغيرت صورة المتحف وأصبح مؤسسة متكاملة تلعب دورا هاما في الحفاظ والصيانة ونشر التراث الثقافي والحضاري ليكون المتحف مركزا ثقافيا نتدارس فيه تاريخنا الطويل عبر العصور وأصبح كمركز يعمل على بناء شخصية المواطن وإعداده بما يتلاءم مع المفاهيم الوطنية والإنسانية، ليكتسب هوية وطنية ثابتة، إن الرسالة المتحفية تهدف إلى خلق لغة تواصل المواطن والقطع المعروضة، بحيث أن انعدام هذا التواصل يفقد المتحف دوره ومكانته فالتربية المتحصل هي التربية المتحفية، فهذه التربية الوطنية لها فوائد على تنمية الزائر شخصيا وثقافيا وبالتالي تكوين هوية متينة.

 وتظهر أهميّة المتاحف في  بناء الهوية الوطنيّة، من خلال تعزيز أواصر اللُّحمة بين الأفراد، وربط الجسور بين مختلف الشرائح والاتجاهات، إذ أنّ المقتنيات المتحفيّة الأثريّة تحمل أبعادًا سياسية، واقتصادية، وثقافية، ودينيّة، وهي تغذّي روح المواطنة، وتزيد من تعلُّق الزائر بانتمائه للوطن، وافتخاره به.


آخر تعديل: Wednesday، 27 March 2024، 6:18 PM