Options d'inscription
المحاضرة الثانية:
خطوات البحث العلمي:
ترتبط خطوات البحث العلمي مع بعضها البعض ارتباطا وثيقا لدرجة أنه يصعب الفصل بينها أحيانا، كما أنها تتداخل فيما بينها بحيث تشكل مجموعة من الخطوات المتسلسلة والمترابطة والمتكاملة، ومع اتفاق الباحثين على أهمية هذه الخطوات بالنسبة لأي بحث علمي، إلاّ أن هذا الإتفاق لا ينسحب على عددها وترتيبها.
1-المقدمة:
وتحتوي الخلفية العلمية للموضوع والنقاط الأولية الممهدة للتعرف عليه، أي أنها عبارة عن مجموع النقاط التعريفية كنبذة تاريخية عن الظاهرة أو الموضوع، تحديد مفاهيم ومعاني القضية، تتبع تطور مسار الموضوع حتى إيصاله إلى وضعيته ذات الصلة المباشرة بالبحث والممهدة بصورة منطقية متدرجة إلى القضية المحورية التي شكلت الدافع الباعث للبحث.
2- أهمية الموضوع:
ويتعرض فيها الباحث إلى تحديد دقيق لجدوى البحث من حيث محاولة الإلمام بجميع جوانب الموضوع ووضع تصور عام فيه، مع الإشارة إلى ضرورة إجراء هذا البحث قصد تغطية بعض جوانب النقص أو الغموض، فمن البديهي أن يبدأ تصميم البحث بالتساؤل حول: مالذي يتضمنه البحث؟ ما هي محددات الموضوع؟ هل يسعى لكشف مجهول أو ينطلق من التشكيك في نتائج سابقة؟ ومن كل ذلك تظهر المتغيرات المختلفة ذات العلاقة بموضوع البحث والتي من شأنها أن تؤثر فيه أو تتأثر به.
3- أسباب اختيار الموضوع:
إن تعدد جوانب دراسة المشكلة كما تم تحديدها في أهمية الموضوع واقتصار الباحث على إحداها دون سواها، نظرا لتأثر الموضوع بمجموعة من العوامل المتشابكة والمتداخلة، كل ذلك يقتضي من الباحث تحديد مبررات ودوافع خياراته لمتغيرات الدراسة، والتي يمكن حصرها في: عوامل ذاتية إذ كان للعوامل الذاتية دور أساس في عملية الإختيار، والتي ترتبط أساسا بخبرات الباحث واحتكاكه بالميدان وإحساسه بوجود مشكلة، كلها عوامل لعبت دور حاسم في اهتمام الباحث بجوانب معينة من الظاهرة وحددت خياراته، وهذا لا يشكل نفيا للموضوعية من حيث تقديم الباحث للمبررات الموضوعية التي تقف وراء خياراته. عوامل موضوعية حيث يلجأ كل باحث في مختلف المجالات إلى الأدبيات المرتبطة بموضوع بحثه للبحث في نتائجها من أجل التوصل إلى مشكلة ما تثير الإهتمام.
4- أهداف البحث:
مع الإعتراف بأنه لا توجد قاعدة ثابتة يمكن الإحتكام إليها في اختيار مشكلات البحوث باستثناء بعض المبادئ الإرشادية العامة، كان من الضروري تحديد الغرض أو الهدف من البحث سواء كان قصد إثراء المعرفة العلمية بتعميق فهم الظاهرة المدروسة، أو إضافة معارف جديدة، أو الكشف عن جوانب المشكلة القائمة والتنبؤ بها ووضع أنسب الحلول لها والعمل على مواجهتها، أو تحديد القضايا النظرية ذات الصلة بالموضوع، أو ربط الجانب النظري للظاهرة بجانبها التطبيقي.
5.2-أدبيات الدراسة:
على الباحث أن يستعرض مختلف الدراسات السابقة في موضوعه، بحيث يثبت بأن الموضوع جديد وحديث وغير مكرر من حيث أنه يحتوي عناصر جديدة، أما التطرق لبحث مكرر فإنه يكون بداعي التشكيك في النتائج بناء على معطيات مبررة، أو إجراء البحث باتباع منهج مغاير...، وبذلك وجب على الباحث القيام بمسح واسع للبحوث والدراسات السابق إجراؤها مع الإشارة إلى النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات والجوانب التي أغفلتها، فتكون الخلاصة الإشارة إلى ما سيضيفه من حقائق جديدة أو توضيحات أساسية تعالج البحث من منظور حديث.
6-تحديد مشكلة البحث:
المشكلة في واقع الأمر سؤال لا توجد لدى الباحث إجابة دقيقة عليه، تحثه على محاولة تقصي الحقيقة حول موضوع معين قصد تحقيق فائدة مرجوة، وهي كل ما يجذب اهتمام الباحث ويدفعه لتقصي حقيقته لمعرفة ما يجهله عنه أو لتقييم ما يعرفه الآخرون حوله، فهي القضية المحورية والإنشغال الرئيسي للباحث في بحثه.
ولتحديد المشكلة بصورة صحيحة يمكن تحديد مجموعة من الشروط الواجب توافرها فيها، وهي:
- أن تصاغ في شكل تساؤل حتى يسهل تحديدها، وبصياغة دقيقة واضحة ولغة سليمة.
- تحديدها يكون من خلال تعبيرها عن علاقة بين متغيرين أو أكثر.
- أن تكون المشكلة في صياغة قابلة للإختبار الإمبريقي.
- ترسيم حدود المشكلة مع تجنب جميع الجوانب والعوامل التي سيتجاوزها البحث.
- أن تتم صياغة الإشكالية بناء على عنوان البحث.
- أن تبدأ من العام إلى الخاص.
- تجنب المصطلحات العامة والأدبية ذات الدلالات المتعددة واستعمال بدلا من ذلك مفاهيم من جنس التخصص.
- يتم استنتاجها من خلال العرض المنطقي للأفكار النظرية.
وتبدأ عادة بتمهيد يتشكل من فقرات متسلسلة كل منها تستقل بتناول فكرة معينة، على أن تكون مترابطة وظيفيا مع باقي الفقرات.
7-الأسئلة الفرعية:
قصد تسهيل مهمة تحديد طبيعة العلاقة بين المتغيرين كما وردت في مشكلة البحث، كان من الضروري أن يتبع ذلك مباشرة مجموعة تساؤلات فرعية دقيقة وقابلة للبحث والتقصي، وذلك من خلال تناولها لمؤشرات المتغير الأول في علاقتها بمؤشرات المتغير الثاني، وبذلك تتحدد الأسئلة الفرعية بحسب عدد المؤشرات المطلوب بحثها، وتُحدد بدورها الإجابات المحتملة أي الفرضيات.
وتختلف التساؤلات التي تطرح فيما بينها من حيث الصياغة والأسلوب استنادا لمتغيرات الموضوع ومؤشراته الفرعية، وتتنوع الأسئلة الفرعية ما بين:
- تساؤلات كشفية ( ماذا؟ ماهو؟ ).
- تساؤلات وصفية تبحث عن النماذج المتكررة للظاهرة ( كيف؟).
- تساؤلات تفسيرية ( لماذا؟ ).
- وتساؤلات تقييمية ( إلى أي مدى).
8. -الفرضيات:
تعتبر صياغة الفروض وتحديد المتغيرات خطوة هامة من خطوات البحث، ذلك أن حل المشكلة البحثية يحتاج إلى الإجابة عن التساؤلات، ولهذا يلجأ الباحث إلى تقدير الإجابة على هذه التساؤلات عبر وضع تفسيرات محتملة أو إجابات أولية عنها، عبر ربط الظاهرة موضوع الدراسة بأحد العوامل المرتبطة بها أو المسببة لها. فالفرضية إذن " قضية تخمينية تعبر عن نمط معين من العلاقة بين الظواهر يتم عن طريقها اختبار المقولات النظرية العامة في الواقع الإمبريقي "، وبذلك فهي همزة الوصل بين النظرية المجردة وبين العالم الإمبريقي، ويكون مصدر اشتقاق الفرضيات إما من: النظريات: عن طريق الإستنتاج المنطقي الذي يوصل إلى التنبؤ تحت ظروف معينة وفي ظل شروط محددة. أو من نتائج بحوث سابقة: أي استخدام نتائج بحث سابق كفرضيات، واعتبار نتائج تلك الدراسات أو نظرياتها بمثابة فروض من الدرجة الثانية من الممكن دراستها واختبارها. من مجال التخصص: وهو المصدر الرئيسي الذي يستمد منه الباحث فروضه.
-أنواع الفرضيات:
- فرضيات مباشرة:
وفيها تصاغ الفرضية بشكل يشير لوجود علاقة محتملة بين متغيرين، كأن يقال مثلا: تؤدي الصراعات الإثنية إلى تهديد السلم والأمن الدوليين، فتكون الصياغة تشير إلى طبيعة العلاقة بين المتغيرين.
- صيغة النفي:
قد تكون صياغة الفروض بشكل ينفي العلاقة بين بين المتغيرين، ولهذا يسميها البعض بالفرضيات الصفرية أو فروض العدم، كالقول مثلا بأنه: لا ترتبط الحروب الدولية بسياسة الأحلاف العسكرية.
- الفروض البديلة:
تختلف المتغيرات التي تحتويها الفروض البديلة عن متغيرات الفروض المباشرة أو الصفرية، وتستعمل في حال عدم قدرة الباحث على التحديد المبدئي للمتغيرات كما في الأنواع السابقة، ولهذا يلجأ للفرضية البديلة التي تصاغ لا في صورة تقديرية ولا بصيغة النفي، كأن تبدأ الفرضية بكلمات محددة مثل: غالبا، كثيرا ما، قد، نادرا ما....
-المتغيرات:
هي تلك الظواهر المتغيرة باستمرار والتي تحتاج إلى البحث والتقصي لمعرفة مدى التغير الحاصل فعلا.
كما تُعرّف على أنها البيانات التي تتغير من قيمة إلى أخرى، فيهتم الباحث بقياسها وبأبعاد العلاقات بينها، وبالتالي فالمتغيرات يمكن أن تتجزأ إلى وحدات يتم من خلالها استخدام الأرقام لتمثيل كل وحدة للمتغير الذي يحمل معنى حسابي. فالمتغيرات إذن تساعد في الإحساس بالعالم الخارجي الذي يحيط بنا من خلال صفة محددة تتناول عدد من الحالات أو القيم، وهي بهذا المعنى خاصية أو صفة معينة تتميز بها الظاهرة الخاضعة للبحث. وتنقسم الى:
- متغيرات مستقلة:
المتغير المستقل هو ذلك المتغير الذي يفسر الظاهرة محل الدراسة، ويعتبر السبب الإفتراضي لها، ويعرف عادة بالمتغير السببي الذي يتحكم فيه الباحث في التجارب والتقصي من أجل التعرف على تأثيراته في النتيجة، ويتعامل معه كحقائق معروفة حتى يتسنى له عزل أو تجسيد هذا التأثير مع متغير آخر، كما أن التغير في قيمه يؤدي لإحداث تغير في قيم المتغير الآخر.
- متغيرات تابعة:
المتغير التابع هو النتيجة أو المتغير الذي يقع عليه التغيير من المتغير المستقل، وهو الذي يسعى الباحث إلى شرحه، ويمثل السبب الإفتراضي أو الناتج المتوقع من المتغير الأول، كما يعرف أيضا بالمتغير المعتمد، ويستخدم هذا النوع من المتغيرات خاصة في الدراسات التجريبية، وهي المتغيرات المتعارف عليها.
تجذر الإشارة هنا إلى أن المتغيرات لا تتطلب التوصيف السردي ولا الدلائل الرمزية أو المعاني التأويلية، فهي عوامل يتوقعها الباحث ويسعى للتحقق منها، وهي عوامل أحادية القيمة لا تقبل الإزدواجية، بمعنى أن كل عامل يحمل قيمة واحدة، ويمكن ترجمة تلك القيمة إلى أرقام إحصائية، وهي مترابطة معا في وجودها بعلاقة تأخذ أكثر من شكل.
ينبغي الإشارة إلى ملاحظتين أساسيتين حول المتغيرات: أولاهما أن العلاقة بين المتغير المستقل والمتغير التابع قد تكون ارتباطية متبادلة، بمعنى أن التغير في أحدهما يصاحبه تغير في الآخر دون القدرة على تحديد أيهما السبب أو النتيجة، مثال ذلك: النمو الإقتصادي وتحقيق الديمقراطية. وقد تكون العلاقة بينهما طردية موجبة: بمعنى أن زيادة قيمة المتغير الأول تزيد من قيمة المتغير الثاني، أو قد تكون العلاقة عكسية سالبة: بمعنى أنه كلما زادت قيمة المتغير الأول نقصت قيمة المتغير الثاني.
والملاحظة الثانية هي أن لكل متغير مؤشرات دالة على المفهوم وقابلة للقياس، والمؤشر هو الكلمة التي تحمل دلالة المضمون والتي يمكن ملاحظتها بشكل مباشر على أرض الواقع، فالمؤشرات الإمبريقية هي التي تربط المفاهيم النظرية بالعالم الواقعي، وهي بذلك تمثل أدوات لقياس تلك المفاهيم، ومن خلالها يتم التحديد الإجرائي للمفاهيم.
9-مجال الدراسة:
تتطلب البحوث أو الدراسات الميدانية في العلوم الإجتماعية ومنها علم السياسة – وخاصة في السياسات العامة- تحديدا دقيقا لمجالاتها، ذلك أن الدراسات والبحوث في هذا المجال تتعامل مع عناصر متغيرة باستمرار، قصد إزالة أي لبس من شأنه التشكيك في الحقائق المتوصل إليها. ولكل بحث مجالات رئيسية هي المجال المكاني والذي يعني تحديد المنطقة التي ستجري فيها الدراسة في حال استعمال أدوات الإستبيان، والمجال الزماني كمحدد لطبيعة البيانات المطلوبة ولتسهيل فترة الضبط من خلال هذا المجال، ولهذا فإن التحديد المسبق لنموذج الدراسة ومجالها يساعد في تحديد الإجراءات المنهجية المناسبة لإعداد البحث.
10-المنهج المستخدم:
يتعين على كل باحث تحديد المنهج والأسلوب الذي سيستخدمه في بحثه، وكذا الأدوات والمقاييس التي سيستعين بها، وكل ذلك من حيث كيفية استفادته وطريقة استخدامه للمنهج المتبع، وسبب اعتماده أدوات معينة، وهو ما سيأتي تفصيله لاحقا.
11-تقسيم البحث:
تتنوع طرق تقسيم جسم البحث وتتوزع بين مدارس تاريخية ومناهج عصرية، وإن كان من المفيد هنا الإشارة إلى عدم وجود تصاميم متاحة تشكل أطر نموذجية تستوعب أي موضوع بحث بصورة كلية، ثم إن تقسيم الموضوع ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة لتسهيل عمل الباحث والقارئ على حد سواء، مع الحرص على ضرورة ملائمة التصميم المتبع لعرض معلومات البحث، بحيث تقدم الأجزاء الرئيسية منه إجابة علمية دقيقة وكاملة لأسئلة البحث كلها، إن الطريقة التي يتبعها الباحث في تقسيمه للبحث يفترض فيها أن تستوعب بشكل منطقي الخطوات التي تم اتباعها في التصميم المنهجي للبحث، بحيث يتم إخراج البحث بطريقة مرتبة ومنظمة بما يُفضي في النهاية إلى الإجابة عن المشكلة البحثية في خاتمة البحث.
هي إذن مجموعة عناصر تُعبّر عن محطات ديناميكية تتواصل فيما بينها، وتؤلف في مجملها خطة البحث من خلال البناء المنطقي لأجزائه ليعبّر في النهاية عن وحدة متميزة لا يمكن أن تتطابق مع غيرها، فمن خلال التوجيه النظري والتوجيه المنهجي للبحث تكتمل المفاصل الأساسية التي تبرز في مجموعها السمات الخاصة لكل بحث، والتي يسعى كل باحث إلى تجسيدها في بحثه.
- Enseignant: Noureddine Hathout
Les visiteurs anonymes ne peuvent pas accéder à ce cours. Veuillez vous connecter.